إذن فهنا ملاكان طوليّان : أحدهما : قائم في أمر العبد الأول ، والثاني : قائم في فعل العبد الثاني مشروطا بأمر الأول.
والخلاصة هي : إنه ، إمّا أن يكون غرض المولى وملاكه واحدا ، متقوما بمجموع أمر العبد الأول ، وفعل العبد الثاني ، بحيث يكون أمر العبد الأول من شرائط وجود ذلك الملاك بفعل العبد الثاني ، بحيث يكون فعل الثاني متوقفا على أمر الأول.
وإمّا أن يكون أمر المأمور الأول من شرائط اتصاف فعل العبد الثاني بالملاك.
وعليه ، لا بدّ من تعدّد الملاك وافتراض وجود ملاك مستقل قائم في أمر المأمور الأول.
وفي كلتا الحالتين لا يجب الفعل ، «الصدقة» على العبد الثاني ، قبل صدور الأمر إليه من المأمور الأول.
وممّا لا شك فيه. أنّ أظهر هذه الاحتمالات هو أحد الأوّلين ، إن لم يدّع ظهوره في الأول منهما ، إذ إنّ الظاهر من الخطاب ، إن لم يكن جعل المأمور الأول مجرد وسيط في تبليغ العبد الثاني ، فلا أقل من كون المأمور الأول مأمورا بأن يأمر ، فيكون أمره توسيطا وفعلا طريقيا لا مصلحة فيه بالخصوص ، فيلحقه حكم الأوليين ، وهو ممّا يجعل ظهور الأمر بالأمر في وقوع العهدة وإيجاب «الصدقة» على المأمور الثاني.