ظهور المادة في وحدة الوجوب ، إذن فلا بدّ من رفع اليد عن أحد الظهورين.
وصاحب الكفاية «قده» (١) ، وإن كان قد استظهر في المقام تقديم ظهور الهيئة في التأسيس لا التأكيد ، إلّا أنّه استظهر انسباق التأكيد ، وحكم به نتيجة ، وذلك ببيان أنّ كون الهيئة مسبوقة بهيئة مثلها ، ولم يذكر هناك سبب واحد ، مثل هذا التكرار مع عدم ذكر سبب واحد ممّا يوجب إجمالها عرفا وسقوطها عن ظهورها في التأسيس.
وهذا ممّا يقتضي بقاء ظهورها في التأكيد ، وعدم وجود أمر آخر.
والصحيح هو ، إنّه لا ظهور لهيئة الأمر في التأسيس ولا في التأكيد ، لا في المقام ، ولا في غيره ، وإنّما هي ظاهرة في كونها للوجوب دون أن تكون مقتضية للكشف عن وجوب بقيد أن لا يكون مكشوفا قبل الآن بكشف لأنها غير ظاهرة في ذلك.
ولذا فإنّ استعمال الهيئة في الكشف عن وجوب كشف عنه سابقا ، ليس فيه أيّ تجوز أصلا ، لأنّه لم يؤخذ في مدلولها ذلك.
نعم هناك مزيّة لها بالظهور السياقي للمتكلم ، قد نستعمله أحيانا في مقام إثبات التأسيس بدلا عن التأكيد ، كما لو فرض أنّه أفاد معنى ، ثم ذكر جملة ، دار أمرها بين كونها إشارة إلى الأول ، أو إلى معنى آخر صالح لتأكيد المعنى السابق ، حينئذ قد يدّعى أنّ الظهور السياقي للمتكلم هو التأسيس لا التأكيد ، لأنّ التأكيد حكم استثنائي ، بينما التأسيس حكم طبيعي ، فيكون أولى بالظهور فيه.
إلّا أنّ هذا البيان لا يمكن تطبيقه هنا ، لأنّ «صلّ» ، الأمر الأول ، و «صلّ» ، الثانية ، الأمر الثاني ، تارة نفترضهما منفصلتين بحيث أنّه قال
__________________
(١) كفاية الأصول ـ مشكيني : ج ١ ـ ص ٢٣١.