إلّا أنّ هذا البيان لا ربط له بالمقام ، لأنّ الأمر الثاني إن ذكر متصلا بالأول ، بحيث يمكن عطفه عليه بالواو ، وقد عطفه عليه فعلا بالواو ، حينئذ كان العطف بنفسه قرينة على التأسيس ، وذلك لكون العطف ظاهرا في أنّ المعطوف غير المعطوف عليه ، وإلّا فإن لم يذكر العطف بالواو ، حينئذ يكون عدم ذكر العطف قرينة عرفيّة ، ووسيلة من وسائل التأكيد عرفا ، فتكون ظاهرة فيه.
وأمّا إذا ذكر الأمر الثاني منفصلا ، حينئذ لا يكون له ظهور حالي ، لا في التأسيس ، ولا في التأكيد ، لأنّ الظهور الحالي السياقي ، يقتضي أن يؤسس بلحاظ شخص ذلك الخطاب ، لا في خطاب آخر ، إذ إنّ تكرار الأمر بشخص أمر آخر ، ليس منافيا مع التأسيس بلحاظ شخص الأمر الثاني.
فالنتيجة هي : إنّه لا ظهور في مفاد الهيئة ، كي يقتضي التأسيس ، فيبقى إطلاق المادة مقتضيا للتأكيد.
وبهذا ننهي بحوث الأوامر ، لندخل في بحوث النواهي ، إن شاء الله تعالى ، وآخر دعوانا ، أن الحمد لله ربّ العالمين.