وأمّا بلحاظ عالم الامتثال : فأيضا لا تضاد ، لأنه يمكن للمكلف امتثالهما معا ، بأن يأتي بالجامع بغير الحصة المحرمة كما لو صلّى في غير الحمّام.
وأمّا بلحاظ عالم المبادئ : فتارة تلحظ هذا التنافي بينهما بالنسبة إلى عالم الذهن والمفاهيم ، أي : المعروض بالذات.
وأخرى تلحظ التنافي بينهما بالنسبة إلى عالم الخارج والوجود الخارجي ، أي : المعروض بالعرض.
أمّا إذا لاحظته بالنسبة إلى عالم الذهن ، العالم الأول : فقد يقال بوجود تضاد بينهما ، بتقريب أنّ الصلاة بعنوانها قد وقعت تحت الأمر مستقلة ، فتكون محبوبة استقلالا بالفعل ، كما أنها وقعت تحت النّهي ، ومعروضة للمبغوضيّة ضمنا ، أي : ضمن المقيّد لأنّ النّهي قد تعلق بالصلاة بالحمّام ، فتكون الصلاة بعنوانها واقعة ضمنا تحت النّهي ، وبذلك تكون مبغوضة ضمنا.
وحينئذ يقال : كما أنه يستحيل اجتماع المحبوبيّة والمبغوضيّة الاستقلاليتين ، كذلك يستحيل اجتماع المحبوبيّة الاستقلاليّة والمبغوضيّة الضمنيّة ، إذ من غير المعقول ، الأمر بالصلاة استقلاليا مع النّهي عن السجود ضمنيا ، وذلك لتضادهما.
ولكن الصحيح أنّ هذا الكلام غير تام ، وتوضيح ذلك هو : إنّه إذا أحبّ شخص شيئا مركبا من شيئين ، كما لو أحبّ ، «اللبن والخبز مجتمعين» بحيث لا يكون كل منهما وحده محبوبا. ففي مثل ذلك ينحل هذا الحب إلى حبّين ضمنيّين ، بمعنى أنّ حب اجتماعهما يحركه نحو إيجاد كل منهما. وأمّا لو فرض أنه كان يبغض مركبا من شيئين ، بحيث أنه كان لا يبغض كلا منهما وحده ، ففي مثل ذلك لا ينحل بغضه إلى بغضين ضمنيّين ، بمعنى أنّ