كفاية تعدّد العنوان لدفع غائلة التضاد ، وبحثناه بحثا تطبيقيا صغرويا ، فأيضا نبحث بحثا تطبيقيا صغرويا الملاك الثالث لجواز الاجتماع وهو ثبوت كون المجمع متعددا والتقرب بالمجمع حتى لو كان منضما إلى مصداق الحرام كما تقدّم.
وإنما سلك المحققون من الأصوليين هذا المسلك لتصوير الجواز ـ ولم يكتفوا بتعدّد العنوان شافعا في جواز الاجتماع ـ لما اشتهر من أنّ الأحكام إنّما تتعلق بالعناوين ، لا بما هي هي ، بل تتعلق بها بما هي فانية في الخارج وحاكية عنه ، وبهذا احتملوا كون المعروض إنّما هو الخارج. وعليه ، بنوا كون الخارج متعددا لتعدد العنوان الحاكي عنه ، وبهذا جوّزوا الاجتماع ، كما ذهب إليه الخراساني ، والنائيني ، والخوئي ، من تفسير فناء العنوان في المعنون ، بمعنى أنّ الحكم المنصب على العنوان يسري ويقف على المعنون خارجا.
وقد أوضحنا هذه المغالطة عند عرض كلمات هؤلاء الأعاظم ، حيث قلنا هناك : بأننا حتى لو سلّمنا بهذا التفسير للفناء والإفناء بما ذهب إليه هؤلاء الأعاظم ـ من كون الحكم المنصب على العنوان يقف على المعنون خارجا ـ فمع هذا لا يلزم أن يكون الميزان في رفع غائلة التّضاد ، وجواز الاجتماع هو تعدّد الوجود خارجا ، لأنّ تفسير الفناء والإفناء كما ذكروه ، ليس معناه أنه يوجد شيئان : العنوان والمعنون. وأن الحكم يسري من الأوّل إلى الثاني ، بل ليس هنالك إلّا معروض واحد للحكم وهو العنوان.
وهذا العنوان : تارة نلحظه بالحمل الأوّلي فيكون معروضا للحكم.
وأخرى نلحظه بالحمل الشائع الصناعي فلا يكون معروضا للحكم.
إذن فالفناء في الخارج عبارة عن لحظ العنوان بالحمل الأولي في مقام جعل الحكم ، فيرى العنوان كأنه شيء في الخارج ، فإذا تعدّد هذا العنوان تعدّد لا محاله مرئيّة وخارجيته دون أن يكون هناك أيّ ربط لذلك بالمعنون ، أو الوجود الخارجي.