«اقتضاء النهي الفساد من حيث الرتبة ، كما لو بحث عن الجواز بملاك أنّ الأمر يتعلق بصرف الوجود ، ولا يسري إلى الحصص ، فمن يبحث بهذا الملاك المتقدم تفصيله ، يكون بحثه في مسألة اقتضاء النّهي للفساد ، وبحثه في إمكان الاجتماع في عرض واحد.
وقد فرّق صاحب الكفاية «قده» (١) بين المسألتين بفارق آخر هو غير الفوارق المتقدمة ، حيث جعل الفارق بينهما هو الجهة ، حيث أنّ جهة البحث في مسألة الاجتماع هي سراية النّهي إلى متعلق الأمر وعدم سرايته ، بينما جهة البحث في مسألة اقتضاء النّهي للفساد ، هي استتباع النّهي للبطلان وعدمه ، وبهذا تختلف المسألتان.
ولكنّ هذا الفارق أيضا غير تام ، لأنّ جهة البحث تحتمل أمورا ، وكلها لا يتم على ضوئها هذا التفريق :
إذ تارة ، يقصد بجهة البحث المحمول في القضية.
وتارة أخرى ، يقصد بجهة البحث الحيثية التعليليّة والواسطة في إثبات المحمول للموضوع.
وتارة ثالثة ، يقصد بجهة البحث ، الغرض الفقهي المتوخّى من المسألة.
فإن قصد بجهة البحث ، المحمول الذي يبحث عن ثبوته للموضوع ، وعدم ثبوته ، فحينئذ لا يكون هذا منطبقا على ما ذكره في مسألة الاجتماع ، حيث ذكر هناك أنّ (٢) جهة البحث في مسألة الاجتماع ، هو السراية وعدمها ، أي : كون التركيب اتحاديا أو انضماميا ، مع أنّ السراية ليست هي محمول
__________________
(١) كفاية الأصول ، المشكيني ـ الأمر الثاني من أمور اجتماع الأمر والنهي : ص ٢٣٤ ـ ٢٣٥.
(٢) المصدر السابق.