فإذا قلنا بامتناع الاجتماع ، ورجّحنا جانب النّهي ، فإنّه حينئذ يقع البحث في أنّ النّهي هل يقتضي الفساد أم لا؟. وبهذا يكون بحث موضوع مسألة اقتضاء النّهي للفساد مندرجا في مبحث اجتماع الأمر والنّهي ، كما ذكر بالملاك الأول للجواز.
ومن هنا سلك المحقق النائيني «قده» (١) طريقا آخر للتفرقة بين المسألتين ، حيث فرّق بينهما بالرتبة لا بالموضوع ، باعتبار أنّ مسألة الاجتماع تنقّح موضوع مسألة اقتضاء النهي للفساد ، فهي في مرتبة متقدمة عليها ، لأنّ البحث في مسألة الاجتماع هو الذي ينقّح سراية النّهي عن الغصب إلى الصلاة وعدم سرايته.
أو قل : إنّ المبحوث عنه إنّما هو سريان النّهي وعدمه إلى متعلّق الأمر ، كالصلاة ، فالقول بالاجتماع ، معناه عدم السّراية ، والقول بالامتناع معناه السّراية.
فإذا قلنا بالسراية تنقّح موضوع الاقتضاء ، وحينئذ يقع البحث في أنّ هذا النّهي هل يقتضي الفساد أم لا؟ إذن فمسألة الاجتماع نقّحت موضوع مسألة اقتضاء النّهي للفساد.
وأمّا إذا ثبت عدم السّراية ، فلا موضوع لهذه المسألة. وبهذا يثبت التغاير بين المسألتين.
ولكن هذه التفرقة غير تامة أيضا ، لأنّ البحث في مسألة الاجتماع ليس منصبا ابتداء على السراية وعدمها ليتوجه التفريق المذكور ، بل البحث ابتداء عن إمكان الاجتماع وعدمه ، ولو مع فرض السراية ، ووحدة المعنون ، وإنّما السراية ، هي أحد ملاكات الامتناع ، فلا تكون إحدى المسألتين مترتبة على الأخرى ، وإنّما يكون البحث في هذه الجهة في عرض البحث في مسألة
__________________
(١) أجود التقريرات ـ الخوئي : ص ٣٣٤.