عموم وخصوص من وجه ، فيتعلق الأمر بأحد العامّين ، والنّهي بالآخر ، ويقع الكلام في إمكان اجتماعهما في مادة الاجتماع ، كما في مثال الغصب والصلاة : إذ موضوع أحدهما غير موضوع الآخر ، ومن هنا يقع التغاير بينهما ، ويكون أحدهما مستقلا عن الآخر.
وأشكل صاحب «الفصول» (١) عليه ، حيث ذكر بأنّ موضوع مسألة الاجتماع هو ما إذا كان هناك عنوانان على معنون واحد ، سواء أكانت النسبة بينهما العموم من وجه ، أو العموم المطلق ، دون أن يختص ذلك بالعامين من وجه ، لأنّ ضابط مسألة الاجتماع هو تعدّد العنوان.
ومن هنا فرّق صاحب «الفصول» بين المسألتين بوجه آخر ، حاصله : إنّه في مسألة الاجتماع عندنا عنوانان ، وفي مسألة اقتضاء النّهي الفساد عندنا عنوان واحد ، تعلق الأمر بمطلقه ، والنهي بمقيده.
وهذا التفريق بين المسألتين من قبل هذين العلمين غير تام.
أمّا بطلان تفريق صاحب القوانين : فإنّه مضافا إلى ما قاله صاحب «الفصول» ، من عدم اختصاص بحث الاجتماع بما إذا كان العنوانان عامين من وجه ، بل يشمل ما إذا كان بينهما عموم مطلق ، فإنه كذلك لا يختص البحث عن اقتضاء النّهي الفساد ، بما إذا كان النّهي قد تعلق بالعبادة من خلال عنوان أخص منها ، بل يشمل أيضا ما إذا تعلق النهي بها ، ولو من خلال عنوان أعم منها من وجه.
وأمّا بطلان تفريق صاحب «الفصول» فإنّه مضافا لما عرفت وتعرف ـ فهو غير تام ، خصوصا في مسألة اقتضاء النّهي للفساد ، حيث جعل موضوعها عنوانا واحدا ، تعلق الأمر بجامعه والنّهي بفرده. بل قد يكون لموضوعها عنوانان ، كما لو فرض أنّ المقام من باب اجتماع الأمر والنّهي.
__________________
(١) الفصول في الأصول ـ محمد حسين بن محمد رحيم : ص ١٢٦.