فحينئذ يقع البحث في أنّ هذه المرآتيّة هل تجرّ الأمر والنّهي إلى نفس الفرد ، أو لا؟ فعلى الأول : يتعيّن القول بالامتناع ، لوحدة الفرد خارجا ، وعلى الثاني : يقال بجواز الاجتماع كما هو واضح.
وقد تعرّض صاحب «الكفاية» «قده» (١) لهذا التوهم ولم يرتضه ، وذكر أنّ مسألة الاجتماع غير مبنيّة على مسألة تعلّق الأوامر بالطبائع ، أو الأفراد ، بل يمكن على كلا التقديرين في تلك المسألة ، البحث هنا في الجواز والامتناع ، وذلك لأنّ نكتة جواز الاجتماع والامتناع هي أنّ تعدّد العنوان مع كون المعنون خارجا واحدا ، هل يرفع غائلة التضاد بين الأمر والنّهي في معنون واحد خارجا ، أو لا يرفعها؟.
فإن قلنا : بأن تعدّد العنوان يرفع غائلة التضاد بينهما ، فحينئذ لا بدّ من المصير إلى جواز الاجتماع ، حتى على القول بتعلق الأوامر بالأفراد ، لفرض كون تعدّد العنوان يجدي في رفع غائلة التّضاد.
وإن قلنا : بأنّ تعدّد العنوان لا يجدي في رفع غائلة التّضاد بينهما ، فلا بدّ حينئذ من المصير إلى القول بالامتناع ، حتى ولو كنّا نقول بتعلق الأوامر بالطبائع ، لأنّه وإن كان عندنا طبيعتان وعنوانان.
إلّا أنّهما منطبقتان على موجود واحد خارجا حسب الفرض.
وأمّا المحقق النائيني «قده» ، فقد سلك (٢) طريقا آخر في بيان عدم ابتناء مسألة الاجتماع على تلك المسألة. فهو لم يفرض كون الموجود في الخارج أمرا واحدا كما ذكر صاحب «الكفاية» «قده».
بل ذهب إلى أن مسألة الاجتماع وعدمه مبنية على أنّ الموجود في
__________________
(١) كفاية الأصول ـ مشكيني : ج ١ ص ٢٤٠ ـ ٢٤١.
(٢) فوائد الأصول ـ الكاظمي ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي سنة ١٤٠٤ ه ص ٤١٢ ـ ٤١٦ ـ ٤١٧ ـ فوائد الأصول ـ الكاظمي : ص ٢٥٥ طبعة المطبعة العلمية سنة ١٣٦٨ هجرية.