فهنا ، المطلق آمر ، والمقيّد ناه ، فيكون لدليل «صلّ» بناء على ما ذكره ، أربعة مداليل :
الأول : كون الصلاة مطلوبة. الثاني : الردع عن تركها ، الثالث : إنّ الصلاة واجدة لمبادئ الطلب. الرابع : إنّ تركها ليس واجدا أو موردا لمبادئ الطلب ، وكذلك ، يكون لقوله : «لا تصلّ في الحمّام» ، أربعة مداليل : الأول : إنّ ترك الصلاة في الحمّام مطلوب. الثاني : إنّ نقيض هذا الترك ، وهو الصلاة في الحمّام مردوع عنه. الثالث : إنّ ترك الصلاة في الحمّام واجد ومورد لمبادئ الطلب. الرابع : إنّ نقيض ترك الصلاة في الحمّام ، وهو الصلاة في الحمّام ، غير واجد لمبادئ الطلب ، وحينئذ يقال : إنّه لا منافاة بين المدلول الثالث لقوله ، «صلّ» ، والمدلول الرابع ، لقوله ، لا تصلّ في الحمّام» ، لأنّ المدلول الثالث لقوله ، «صلّ» ، هو إنّ الصلاة مورد لمبادئ الطلب ، والمدلول الرابع لقوله «لا تصل في الحمّام» ، هو إنّ الصلاة في الحمّام ليس موردا لمبادئ الطلب ، ولا منافاة بينهما ، لأنّ ترك الصلاة في الحمّام عبارة عن ترك المجموع المركب من الصلاة والكون في الحمّام ، وترك المجموع غير ترك الجزء ، وهو نفس الصلاة ، فليس ترك الجزء جزءا من ترك المجموع ، بل فرد منه.
والحاصل هو : إنّ كون الصلاة في الحمّام ليس موردا لمبادئ الطلب ، لا ينافي كون ذات الصلاة موردا لها ، فيكون الملاك في كل منهما موجودا ، وبذلك يقع التزاحم بينهما ، مع أنّ دخول ذلك في باب التزاحم الملاكي لم يلتزم به أحد ، فإنّ مورد التزاحم الملاكي هو المورد المتعارف لبحث الاجتماع.
وبتعبير آخر. يقال : إنّه ينقض على العراقي «قده» بموارد المطلق والمقيد ، فيما إذا ورد الأمر بالصلاة والنّهي عن الصلاة في الحمّام ، وذلك لأنّ النّهي يدل على حرمة المجموع ، وحرمة المجموع تدل بالالتزام على وجود ملاك في تركه ، وترك المجموع غير ترك الصلاة ، مع أنّه هنا لم يلتزم أحد بالتزاحم الملاكي بما فيهم العراقي «قده».