فلا ترتفع بالاضطرار إلى ارتكاب نفس المانع ، كما لو أضطر المكلف إلى لبس «ما لا يؤكل لحمه طوال النهار» ، وذلك لأنّ قوله ، «لا تصلّ فيما لا يؤكل لحمه» ، ليس مفاده الحرمة لترتفع المانعية بارتفاع الحرمة ، وإنّما مفاده المانعيّة ، والمانعية يمكن انحفاظها حتى مع الاضطرار. وعليه :
فيتمسك بإطلاق دليل المانعيّة لإثبات مانعيّة «لبس ما لا يؤكل لحمه» عن صحة الصلاة ، حتى في حالة الاضطرار إلى لبسه.
ونتيجة ذلك : سقوط الأمر بالصلاة المقيّد بعدم هذا المانع.
نعم إذا وجد دليل خاص على ثبوت أمر بالصلاة ، مع وجود هذا المانع ، فإنّه حينئذ يلتزم به ، كما وجد ذلك الدليل الخاص بالنسبة للصلاة التي لا تسقط بحال ، وإن كان هذا الالتزام على خلاف القاعدة ، إلّا أنّه لا بدّ من مراعاة الدّليل الخاص.
وقد خالف المحقق النائيني «قده» (١) هذا المشهور ، في هذه التفرقة بين المانعيّة في كل من القسمين ، وذهب إلى أنّ حال المانعيّة في القسمين واحد ، وهو عدم ارتفاع المانعيّة بطرو الاضطرار إلى ارتكاب المانع ، ويقرب ذلك بتقريبين :
١ ـ التقريب الأول ، هو : المستفاد من كلام الميرزا «قده» كما ذكره السيد الخوئي «قده» (٢) في التقريرات وحاصله :
إنّ سقوط الحرمة لا يوجب ارتفاع المانعيّة ، كما ذكره المشهور ، لأنّ النّهي التكليفي عن الغصب يكون علة لأمرين في رتبة واحدة ، وهذان الأمران ضدان : أحدهما الحرمة ، والثاني : عدم الوجوب ، أي : المانعيّة عن كونه واجبا ، وعن شمول دليل الواجب له. وقد عرفت في بحث الضدّ ، أنّ وجود أحد الضدّين في مرتبة عدم ضده الآخر.
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ١ ص ٢٧٣ ـ ٢٧٤.
(٢) أجود التقريرات ـ الخوئي : ج ١ ـ ص ٣٧١ ـ ٣٧٢.