وحينئذ ، فهذه العلة ، وهي النّهي ، إذا وجد ما يمنعها عن إيجاد معلولها الأول وهو الحرمة ، فلا يعني ذلك عدم تأثيرها في إيجاد معلولها الثاني ، وهو المانعيّة.
وعليه فالمانعيّة تكون ثابتة وإن سقطت الحرمة ، كما تكون المانعيّة من القسم الثاني ثابتة بعد الاضطرار إلى ارتكاب نفس المانع.
ثم إنّ السيد الخوئي «قده» (١) اعترض على الميرزا «قده» باعتراضين :
١ ـ الاعتراض الأول ، هو : إنّ مقصود الميرزا «قده» من كون النّهي علة للحرمة ولعدم الوجوب ، أي : إن المانعيّة هو العليّة بحسب مقام الإثبات والكشف ، لا بحسب مقام الثبوت ، وذلك لأنّه في عالم الثبوت يكون النّهي ناشئا عن الحرمة ، فكيف يكون علة لها.
وعليه : فعلّيّة النّهي للحرمة والمانعيّة ، إنّما هو بحسب عالم الإثبات والكشف ، بمعنى أنّ النّهي يكون كاشفا عن الحرمة والمانعية.
ومن هنا يرد الاعتراض على الميرزا «قده» بما حاصله : إنّ النهي لا يكون كاشفا عن الحرمة والمانعيّة في عرض واحد ، لأنّ الحرمة مدلول مطابقيّ للنّهي ، والمانعيّة مدلول التزاميّ له.
ومن الواضح أنّ كشف الكلام عن مدلوله المطابقيّ ، أسبق رتبة من كشفه عن مدلوله الالتزاميّ.
وما ذكر برهانا في بحث الضدّ ، من أنّ وجود أحد الضدّين مع عدم ضده الآخر ، معلولان في رتبة واحدة ، إنّما هو بحسب مقام الثبوت ، لا الإثبات كما هو نظر الميرزا «قده».
إذن فلا يمكن أن يثبت مقصود الميرزا «قده» بذلك البرهان من عرضية المدلولين.
__________________
(١) أجود التقريرات الخوئي : ج ١ ص ٣٧١ ـ ٣٧٢.