وجد الكون خارج الأرض ، فهو وجود بلا علة ، وهو مستحيل ، وإن لم يوجد ، لزم ارتفاع الضدّين ، وهو الكون داخل الأرض ، والكون خارجها ، وهذا مستحيل ، لأنّ المفروض أنّ لا ثالث لهما ، فإذا انتفى أحدهما ، لا بدّ وأن يوجد الآخر ، كما أنّ المفروض أنّ ترك الكون داخل الأرض ، ملازم مع الكون خارجها ، ووجود ترك الكون داخلها بدون الكون خارجها ، خلف التلازم المفروض.
إلّا أن يقال : بأنّ علة وجود الكون خارج الدار مع علة الكون داخل الدار ، من الضدّين اللّذين لا ثالث لهما ، فإذا انتفت إحداهما تتعين الأخرى. وعليه : فلا يرد ما ذكرنا من إمكان عدم وجود علة الكون خارج الدار مع وجود علة ترك الكون داخل الدار ، ليرد الإشكال المذكور على هذا الاعتراض ، لأنّ المفروض أنّه متى ما وجدت علة الكون داخل الدار ، انتفت علة الكون خارجها ، وكذا العكس.
إلّا أنّ هذا الكلام غير تام أيضا ، لأنّنا ننقل الإشكال إلى هاتين العلتين ، فنقول : بأنّ عدم وجود علّة الكون خارج الدار ، مع وجود علة الكون داخلها متلازمان ، وهنا أيضا نورد نفس الإشكال السابق وهكذا.
وعليه : فالصحيح أنّ تلازم الضدّين ، لا بدّ وأن ينشأ كما ذكر في ذلك البرهان ، إمّا من كون أحدهما علة للآخر ، أو من كونهما معلولين لعلة واحدة ، إذن فاعتراض المحقق الأصفهاني : «قده» غير تام.
٢ ـ الاعتراض الثاني ، وهو : للأصفهاني «قده» (١) أيضا ، وحاصله : إنّه لو سلّم أنّ كل متلازمين لا بدّ وأن يكون أحدهما علة للآخر ، أو إنّهما معلولين لعلة واحدة ، ففي مقامنا نسلّم بأنّ الكون خارج الأرض ، مع ترك الكون داخلها الذي عرفت ، أنّهما متلازمان ، فإنّنا نسلم كونهما معلولين لعلّة ثالثة ، لكن لا بمعنى أنّ علة أحدهما هي بنفسها تمام علة الآخر ، أو
__________________
(١) نفس المصدر السابق.