مقدمة وعلة لملازمه ، وهو ترك الحرام الذي هو الغصب الزائد ، لأنّنا فرضناهما معلولين لعلة واحدة.
وبهذا ثبت أنّ الخروج مقدمة لترك الحرام ، وهو المطلوب.
وقد اعترض المحقق الأصفهاني «قده» (١) على هذا البرهان ، لإثبات المقدميّة باعتراضين :
١ ـ الاعتراض الأول : وهو موجه لما ذكر في المقدمة الثانية ، وحاصله : إنّ تلازم أمرين أحدهما وجودي ، والآخر عدمي ، لا يعني كون أحدهما علة للآخر ، أو كونهما معلولين لعلة واحدة ، بل قد يكون لكل منهما علة مستقلة ، ومع ذلك يكونان متلازمين باعتبار أنهما ضدان لا ثالث لهما. فحينئذ يكون وجود أحدهما ملازما مع عدم الآخر ، من باب أنّه لا ثالث لهما.
ومقامنا من هذا القبيل ، فإنّ الكون خارج الدار ، وترك الكون داخلها ، إنّما هو من باب الضدّين اللّذين لا ثالث لهما ، فتلازمهما إنّما هو لهذه النكتة ، لا لكونهما معلولين لعلة واحدة ، ليتم ما ذكر في البرهان.
وهذا الاعتراض من المحقق الأصفهاني «قده» غير تام ، إذ لا يعقل أن يكون هناك تلازم بين ضدّين ، مع أنّ لكل منهما علة مستقلة ، لأنّه لو فرضنا وجود علة الأول ، وعدم وجود علة الثاني ، ففي هذه الحالة ، لا بدّ وأن يوجد الأول ، وأمّا الثاني ، فإن وجد ، فهو بلا علة ، وهذا مستحيل ، وإن لم يوجد فهو خلف التلازم.
ففي مقامنا ، المفروض تلازم الكون خارج الأرض مع ترك الكون داخل الأرض ، فلو كان لكل منهما علة مستقلة ، أو لم تكن علة أحدهما بتمام أجزائها علة للآخر ، فحينئذ ، إذا فرض وجود علة ترك الكون داخل الأرض ، وفرض عدم تماميّة علة الكون خارج الأرض ، ففي هذه الحالة ، إن
__________________
(١) نهاية الدراية ـ الأصفهاني : ج ٢ ص ١١٦ ـ ١١٧.