وعليه ، فلا محذور في كون الخروج في الآن الأول ، مقدمة لترك الغصب الزائد المحرم في الآن الثاني.
وبهذا يثبت بطلان هذا البيان الثاني لعدم المقدميّة ، وبذلك يظهر عدم تماميّة ما ذكر برهانا على عدم مقدميّة الخروج لترك الحرام.
وأمّا ما يذكر برهانا على إثبات هذه المقدميّة ، فهو مركّب من مقدمتين :
١ ـ المقدمة الأولى ، وحاصلها : إنّه لا إشكال في كون الخروج مقدمة للكون خارج الأرض المغصوبة ، كما لا إشكال في أنّ الكون خارج الأرض المغصوبة ، ملازم مع ترك الحرام ، وهو الغصب الزائد ، أعني الكون في الأرض المغصوبة في الزمان الثاني.
٢ ـ المقدمة الثانية ، هي : إنّ التلازم بين أمرين ، إمّا أن يكون ناشئا من كون أحدهما علة للآخر ، أو ناشئا من كونهما معلولين لعلة واحدة ، وإلّا لما كان وجه للتلازم ، لأنّه إذا فرض أنّ لكل منهما علة مستقلة ، فقد تتم علة أحدهما دون الآخر ، فيوجد أحدهما حينئذ دون الآخر ، وهو خلف التلازم. وعليه : فالتلازم لا بدّ وأن ينشأ ممّا ذكرنا.
إذا عرفت هاتين المقدمتين نقول : إنّ الكون خارج الأرض المغصوبة في الزمان الثاني ، ملازم لترك الكون في الأرض المغصوبة في نفس ذلك الزمان ، كما ذكر في المقدمة الأولى.
وهذا التلازم إمّا أن ينشأ من كون أحدهما علة للآخر ، أو من كونهما معلولين لعلة واحدة ، كما ذكر في الثانية.
أمّا كون أحدهما علة للآخر : فهو مستحيل ، لأنّهما ضدان ، ولا عليّة بين الضدّين ، وحينئذ ، فيتعيّن أن يكونا معلولين لعلة واحدة ، وقد عرفت أنّ الخروج مقدمة ، وعلة للكون خارج الأرض المغصوبة ، وعليه فيتعيّن كونه