هذا الفعل ، وحينئذ نسأل : بأنّ السيد قبل إيقاع الفعل ، عن أيّ شيء ينهى؟
فإن قيل : إنّه ينهى عن المسبّب ، فالمفروض أنّه لم يقع المسبّب ليتحقق عصيان السيد ، مع أنّه قد فرض تحقّقه في الرواية.
وإن قيل : أنّ السيد ينهاه عن أصل إنشاء العقد ، بمعنى أنّه يحجّر عليه التلفظ بإنشاء هذا العقد ، ففي مثله لو أنشأ العبد ذلك لا يكون عاصيا ، لأنّه لا دليل على تسلّط المولى على عبده إلى هذا الحد.
فبهذا يثبت أنّ فرض كون العبد عاصيا لسيّده ، يعني كون المراد من العصيان ، هو العصيان الوضعي لا التكليفي ، وإلّا لما التأم المعنى كما عرفت.
وإذا حمل عصيان السيد على الوضعي تعيّن حمل عصيان الله تعالى عليه أيضا ، فيختل الظهور الثاني المدّعى ، وبذلك يبطل الاستدلال بهذه الرواية وأمثالها ، على أنّ النّهي المولوي عن المعاملة يقتضي الفساد.
والحاصل ، هو : إنّ هذه القرائن تعيّن كون المراد من العصيان إنّما هو العصيان الوضعي ، ولو تنزّلنا ، فلا أقلّ من كونه موجبا لإجمال الرواية ، ومعناه أنّه لا يمكن الاستدلال بها.
هذا هو تمام الكلام في الجهة الثانية ، وبها تم الكلام في مسألة اقتضاء النهي للفساد في العبادات والمعاملات ، وبذلك يتم الكلام في بحث النواهي.
والحمد لله رب العالمين.