وتوضيح ذلك ، يتوقف على التنبيه على أمر ، تقدّم تحقيقه سابقا ، في مقام التفريق بين الأمر والنهي ، وانّ إطلاق الأول بدلي ، وإطلاق الثاني استغراقي ، حيث ذكرنا هناك ، انّ المطلقات لا نظر فيها إلى الأفراد بما هي أفراد ، وإنّما النظر فيها إلى الطبيعة ، وأمّا العمومات ، فالمنظور فيها هو الأفراد.
إذن فمصبّ النظر في المطلق ، هو ذات الطبيعة بلا قيد زائد ، ومثل هذه الطبيعة ، إذا علّق عليها محمول من المحمولات ، فقد يكون تعليق بعض المحمولات مقتضيا لتأثير هذا المحمول في تمام أفراد الطبيعة ، وقد يكون تعليق بعضها مقتضيا لتأثير المحمول في أحد أفراد الطبيعة ، والمثال الواضح لذلك ، هو «الأمر والنهي» ، فإذا علّق على الطبيعة محمول من قبيل الأمر ، كقوله ، «صل» فتعليق هذا المحمول ، يقتضي تأثيره في أحد أفراد الطبيعة ، لأنّ المحمول هنا ، وهو الأمر ، يقتضي إيجاد طبيعة الصلاة ، وهذا ، يتحقّق بإيجاد فرد واحد منها ، وهذا ما يسمى بصرف الوجود ، وأمّا إذا علّق على الطبيعة محمول ، من قبيل ، النهي ، كقوله ، «لا تكذب» ، فتعليق هذا المحمول ، يقتضي تأثيره في جميع أفراد الطبيعة ، لأنّ المحمول هنا وهو النهي ، يقتضي إعدام الطبيعة ، ومن الواضح ، انّ انعدام الطبيعة ، لا يتحقق ، إلّا بانعدام جميع أفرادها.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : في محل الكلام ، بالنسبة إلى الركن الثاني الذي ذكره المشهور لضابط المفهوم ، إنّ المعلّق على الشرط ، هو طبيعي الحكم ، من دون أي قيد زائد في الطبيعة ، وهذه الطبيعة ، وقعت موضوعا لمحمول ، وهذا المحمول ، هو النسبة التوقفيّة ، بناء على تماميّة ما ذكرناه في الركن الأول ، أو النسبة الإيجاديّة بناء على عدم تماميّته.
فإن كان المحمول هو النسبة التوقفية ، فيرجع قولنا ، «إذا جاءك زيد فأكرمه» إلى قولنا ، طبيعة هذا الحكم ، موقوفة على مجيء زيد ، وهذا يدل على انتفاء أفراد طبيعة هذا الحكم ، عند انتفاء المجيء ، لا من جهة أنّ