وأمّا فعليّة الاستفهام بالنحو الثاني ـ أي فيما إذا وقع جزاء ـ فإنه لا يمكن تفسيرها على مذهب المشهور ، من كون أداة الشرط موضوعة للربط بين الشرط والجزاء ، وذلك ، لأنّ أداة الشرط ، إذا كانت موضوعة للربط ، فمعنى ذلك ، انّه في قولنا ، «إن جاءك زيد فهل تكرمه» ، تكون أداة الشرط دالة على إناطة الجزاء ، وهو الاستفهام ، هنا ، بوقوع الشرط ، وحينئذ ، فلا يكون الاستفهام فعليا ، وهو خلاف الفرض.
بينما على مبنى الأصفهاني «قده» ، يمكن تفسير فعليّة الاستفهام ، وذلك لأنّ الجزاء الذي هو الاستفهام ، يكون منوطا بحكم هيئة الترتيب ، بفرض الشرط وتقديره ، لا بواقعه خارجا ، وحيث انّ الشرط بوجوده الفرضي فعليّ ومتحقق ، فيكون الاستفهام المعلّق عليه ، أيضا فعليا.
إذن ، بناء على مذهب الأصفهاني «قده» أمكن تصوير فعليّة الاستفهام ، وهذا يكون دليلا على صحة ما ذهب إليه ، من عدم كون أداة الشرط موضوعة للربط ، بل الدال على الربط هو هيئة الترتيب بين الجزاء والشرط. التمثل ، «بالفاء».
وإن شئت قلت : انّ المشهور بين علماء العربية ، والمتداول عند أهل العرف والمحاورة ، انّ أداة الشرط ، موضوعة لإيجاد الربط بين جملة الشرط ، وجملة الجزاء بنحو من الأنحاء ، كما سيأتي تحقيقه.
وخالف في ذلك المحقّق الأصفهاني «قده» ، فذهب إلى انّ أداة الشرط ، موضوعة ، لإفادة انّ مدخولها الذي هو الشرط ، واقع موقع الفرض والتقدير ، وليس للربط بين الشرط والجزاء ، وحيث انّ المحقق الأصفهاني «قده» لم يبرهن على مدّعاه ، فإنه يمكن تصوير برهان على هذا المدّعى ، وحاصله : ان الاستفهام يدخل على الجملة الشرطية بأحد نحوين.
فإمّا أن يدخل عليها بنحو تكون الجملة الشرطية بتمامها متعلقة للاستفهام كما في قولنا ، «هل إذا جاء زيد تكرمه»؟ وإمّا أن يدخل عليها بنحو