ان الأب لم يأت ، تكون هذه الحكاية كاذبة لأنها حكاية عن أمر استقبالي لم يقع.
وفي هذا الوجه لا يسري التعليق من المدلول التصوري إلى المدلول التصديقي.
وفي هذا الوجه ، قد ارتكبت مخالفة للظاهر ، باعتبار انّ مصبّ المدلول التصديقي والتصوري للجزاء متحد ، فكان لا بدّ من السراية بمقتضى أصالة التطابق بين مقام الإثبات ومقام الثبوت ، مع انّه لا سراية.
فهذا دليل لميّ ، على كونه مخالفا للظاهر ، كما انّ هناك دليلا إنّيا على ذلك ، وهو انّ العرف ، لو سمع هذه الجملة ، فإنّه لا يتهم المتكلم بالكذب فيما إذا لم يتحقق الشرط ، وليس ذلك ، الّا من جهة عدم وفاء هذه الجملة ببيان حقيقة الوجه الثالث ، ومن هنا كان هذه الوجه محتاجا إلى قرينة.
وأمّا النحو الثاني من النحوين ، وهو ما إذا كانت جملة الجزاء إنشائية ، كما في قولنا ، «إذا جاءك زيد فأكرمه» ، فهنا ، تارة ، يفرض انّ المدلول التصديقي يكون موازيا لمدلول جملة الجزاء ، وأخرى يفرض عدم موازاته له ، وإنّما يكون موازيا لهيئة الجملة الشرطيّة ككل.
فإن فرض الثاني ، فحينئذ ، تكون جملة الجزاء متمحّضة في المدلول التصوري ، ولا يكون ما يوازي هذا المدلول التصوري في عالم المدلول التصديقي ، وفي مثله ، لا يسري التعليق من المدلول التصوري للجزاء ، إلى المدلول التصديقي ، وبذلك يكون المدلول التصديقي لهذه الجملة ، غير معلّق على شيء ، وتكون الجملة بهذا اللحاظ ، خبرية ، لا إنشائية ، وإن كانت جملة الجزاء إنشائية ، وذلك لأنّ مرجع الجملة بلحاظ مدلولها التصديقي ، إلى الحكاية عن ربط الجزاء بالشرط ، ولهذا كانت خبرية.
وقد يقال : انّ المدلول التصوري للجزاء ، إنشائي ، فإذا فرض انّ الجملة بمدلولها التصديقي خبريّة ، يكون ذلك منافيا لأصالة التطابق بين المدلول التصوري والمدلول التصديقي.