التصديقي جزئي ، كما عرفت ، وحينئذ ، فيتعذّر إجراء مقدمات الحكمة لإثبات كون المعلّق هو طبيعي الحكم ، أي الوجوب.
ولا مجال في المقام لإجراء أصالة التطابق بين مقام الإثبات ومقام الثبوت كما في الفرض الأول ، لأنّ محكيّ المدلول التصديقي ، هو جزئي ، ولا إشكال في ان الجزئي يزيد على الكلي بمشخصاته.
وعليه ، فلا معنى لإجراء أصالة التطابق.
هذا حاصل الكلام في هذه الشروط الثلاثة ، وقد عرفت تماميّة الأول والثاني ، وأمّا الثالث فهو أيضا تام ، لأنّ تماميّته عبارة عن تطبيق أصالة التطابق بين مقام الإثبات ومقام الثبوت ، لأنه بحسب مقام الإثبات عندنا نسبة إرساليّة ، هي مفاد هيئة أكرم ، وهذه النسبة الإرسالية ، وقعت ـ على مستوى المدلول التصوري ـ طرفا لنسبة أخرى تامة ، وهي النسبة الربطية ، وبهذا خرجت عن كونها ممّا يصح السكوت عليها ، إلى كونها ممّا لا يصح السكوت عليها ، وحينئذ ، فإن فرض ان المدلول التصديقي كان بإزاء هيئة الجملة الشرطية ككل ، أي النسبة الربطية وكانت النسبة الإرسالية طرفا له ، فحينئذ ، تتطابق صياغة مقام الإثبات مع مقام الثبوت.
وأمّا إذا فرض انّ المدلول التصديقي كان على طبق النسبة التي هي طرف ، بحيث كأنّ هذه النسبة هي الأصل في مرحلة المدلول التصديقي ، وأمّا في مرحلة تركيب المدلول التصوري كانت طرفا ، فحينئذ لا يكون هناك تطابق بين مقام الإثبات ومقام الثبوت ، فبمقتضى أصالة التطابق ، ينصرف الذهن لانتزاع المدلول التصديقي بإزاء هيئة الجملة الشرطية ككل ، لا بإزاء هيئة الجزاء ، فهذا دليل لميّ لإثبات الشرط الثالث.
وينبغي الإشارة لشيء ، وهو انّ الشعور بدلالة لفظ على معنى ، تارة ، يكون على أساس وجدان مباشر لاستظهار المعنى منه ، وهو ما يسمّى بالانصراف ، ونحوه.