إن كان عبارة عن جعل الوجوب ، فمن الواضح بطلانه ، لأن الجعل لا يصدر الّا من الجاعل فهو معلول له وليس معلولا للشرط فلا دخل للشرط في تحققه وإنما دوره دور التحصيص والتقييد. وإن كان ذلك الواحد بالنوع هو الملاك ، فحينئذ ، لا دليل على انّ ملاك الوجوب عند المجيء ، هو عين ملاك الوجوب عند الموت ، ليلزم المحذور المذكور.
وعليه فهذا التقريب غير تام.
٥ ـ التقريب الخامس : وهو للمحقق النائيني (١) «قده» ، وقد أراد إثبات الأمور الثلاثة المتقدمة ، فأثبت الأول والثاني بعين ما أثبتناهما في التقريبين السابقين.
وأمّا ثالث هذه الأمور ، وهو «الانحصار» فقد حاول إثباته بصياغة أخرى ، وحاصلها : انّ الجزاء يعقل أن يكون مطلقا من جهة الشرط كما يعقل أن يكون مقيدا به ، فكما يعقل ثبوت وجوب إكرام زيد ، سواء جاء أو لم يجيء ، كذلك يعقل أن يكون وجوب إكرامه مقيدا بمجيئه ، إذن لا بدّ من أخذ هذين الأمرين ، إمّا الإطلاق في الجزاء ، أو التقيّد ، وبما انّ الإطلاق غير صحيح ، باعتبار أنّه لا يستفاد من الجملة الشرطية وجوب إكرام زيد حتى ولو لم يجيء ، فحينئذ يتعيّن التقييد.
وبهذا يثبت انّ الجملة الشرطيّة تدل على تقييد الجزاء بالشرط.
لكن هناك ، يشك في انّ هذا الشرط ، هل هو كلّ القيد ، أي تمام العلة ، أو جزؤها؟ وكونه جزء العلة ، ينفى بمقدمات الحكمة ، لأنّه لو كان هناك شيء آخر ، بحيث كان المجيء وذلك الشيء الآخر كلاهما علة واحدة للجزاء ، لوجب على المولى أن يعطف بالواو ، فيستكشف عدم كون الشرط جزء علة ، ويثبت انّه علة تامة.
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي ج ١ ص ٢٩٨ ـ ٢٩٩ ـ ٣٠٠ ـ ٣٠٣.