النسبة الإيجادية أيضا ، حينئذ نقول : انّه لا يمكن ان نثبت الانحصار بإطلاق الشرط وعدم تقييده «بأو» ، وذلك لأنّه ليس كل ما لم يذكر في الكلام يستكشف من عدم ذكره ، عدم وجوده.
وتوضيح ذلك : هو انّه لو قال : أكرم زيدا ، ولم يقل أكرم عمروا ، فلا يستكشف من ذلك ، انّ عمروا لا يجب إكرامه ، لأنّ إكرام عمرو ، لو كان واجبا ، لما كان ذلك قيدا في وجوب إكرام زيد ، فلا يستكشف من عدم ذكره عدم وجوده.
وأمّا لو قال : أكرم زيدا ، ولم يقل يوم الجمعة ، فيستكشف منه انّ وجوب إكرامه ثابت في يوم السبت أيضا ، لأنّه لو كان خاصا بالجمعة ، لكان يوم الجمعة مقيدا لوجوب اكرامه ، فمن عدم ذكره يستكشف عدم دخالته وقيديّته.
إذن فالضابط هو : انّ عدم ذكر شيء ، إنّما يكون دالا على عدم وجوده ، فيما إذا كان ذلك الشيء ، على تقدير ثبوته ، مقيدا لمدلول الكلام ، وإلّا ، فلا يكون عدم ذكره ، دليلا على عدم وجوده.
إذا عرفت ذلك فنقول : بناء على انّ المقصود بتقييد الجزاء ، معنى يتناسب مع النسبة الإيجادية أيضا ، فحينئذ ، لا يكون عدم التقييد بأمر ، دالا على الانحصار بالشرط ، لأنّه لو فرض انّ المجيء يستلزم وجوب الإكرام ، وفرض انّ الهديّة تستلزمه أيضا ، إلّا انّ استلزام الهديّة للوجوب ، لا يقيّد ولا يضيّق دائرة استلزام المجيء له ، وإنّما تضيف إليه استلزاما آخر ، وإذا لم يكن استلزام الهدية له مضيّقا لدائرة استلزام المجيء له ، فلا يكون عدم بيان كون الهديّة مستلزمة له ، دليل على عدم ثبوت هذا الاستلزام واقعا.
إذن ، فعدم التقييد «بأو» ، لا يثبت الانحصار ، لأنّ «أو» ليست قيدا حقيقيا ، وإنّما تعبّر عن استلزام آخر ، فلا يكون عدم ذكرها ، كاشفا عن عدم وجود استلزام آخر.