الحالات ، ومع عدم المقتضي للتحفظ ، لا موجب له ، إذن فهذا الاحتمال الثاني منفي.
وأمّا الاحتمال الثالث : فهو مبني على أن تفرض قضيّة خارجيّة ، دائما يتصور فيها علم الغيب ، ومن المعلوم ، انّ طبع المحاورات العرفيّة ، غير مبني على القضايا الخارجية.
وعليه ، فبالحصر ، يتعيّن الاحتمال الأول ، وهو أن يكون ربط المتكلم بين الجزاء والشرط ، من جهة اعتقاده بالتلازم بينهما ، ولو من أحد الطرفين ، وبذلك يثبت استفادة اللزوم من القضيّة الشرطية ، لكن على مستوى المدلول التصديقي ، باعتبار الظهور الحالي السياقي ، فإنّ ظاهر حال المتكلم عند إخباره بوجود الجزاء على تقدير وجود الشرط ، هو انّه معتقد للتلازم بينهما ، لما عرفت من بطلان الاحتمالين السابقين.
إذن ، فهذه فرضيّة ثانية ، يمكن على أساسها تفسير العناية الثابتة عند استعمال الجملة الشرطية في مقام الربط بين جزاء وشرط لا تلازم بينهما.
وبناء على هذه الفرضيّة ، لا يتم ما ذكر في الأمر الأول ، وهو دخالة اللزوم في المدلول الوضعي للجملة الشرطيّة ، كما هو واضح ، لأنه بناء على هذه الفرضيّة ، قد استفدنا اللزوم من الجملة الشرطيّة ، لكن بلحاظ مدلولها التصديقي ، لا الوضعي التصوري.
والآن لا بدّ من المقارنة بين هاتين الفرضيّتين ، لنرى أيّتهما المتعيّنة في مقام تفسير هذه العناية.
والصحيح ، انّ المتعيّن ، هو الفرضيّة الثانية.
والوجه في ذلك هو : انّا لو لاحظنا شرطا وجزاء لا تلازم بينهما ، كمجيء زيد ، ونزول المطر ، فتارة ، نؤلّف منهما جملة شرطيّة ماضويّة فنقول : «كان إذا جاء زيد ، نزل المطر» ، وأخرى نؤلّف منهما جملة شرطيّة استقباليّة ، فنقول : «إذا جاء زيد ، نزل المطر».