وهذا النحو من الاستدلال ، متعذر في محل الكلام ، لأنّا لا نتكلم عن دلالة الجملة الشرطيّة على المفهوم بلحاظ قرينة معيّنة لتكون الحيثيّة التعليليّة قابلة للإدراك المباشر ، وإنّما نتكلّم بلحاظ دعوى كون الجملة موضوعة لما يستفاد منه المفهوم.
٤ ـ النحو الرابع : هو دعوى الانصراف والتبادر ، وهذا النحو ، هو المتعيّن سلوكه في المقام ، فنقول : انّ المنسبق من الجملة الشرطيّة ، هو ثبوت المفهوم ، وذلك باعتبار انّ المنصرف عرفا من الربط المستفاد من أداة الشرط ، إنّما هو النسبة التوقفيّة ، ومعه ، يثبت المفهوم ، كما عرفت سابقا.
وعلى ضوء إثبات المفهوم بهذا النحو ، ينبغي أن نغيّر منهجيّة البحث في المقام ، من المنهجيّة التي سار عليها المشهور ، حيث طرحوا قضيّة مشكوكة ، وهي ثبوت المفهوم للجملة الشرطية ، وصاروا في مقام الاستدلال عليها ، بما عرفته من التقريبات ، إلى منهجيّة أخرى ، وهي أن نقول : بأنّ الجملة الشرطية بحسب الوجدان العرفي ، تدل على المفهوم ، الّا انّه يبقى عندنا وجدانات متعددة لا بدّ من تنسيقها ، ضمن نظريّة موحدة ، قابلة لتفسيرها كلها ، وفائدة هذا التفسير أولا ، هي باعتبار انّ التمكن من تفسيرها ضمن نظرية موحدة ، يكشف لنا أحقيّة وصحة هذه الوجدانات «كما انّ العجز عن تفسيرها ، كذلك يكشف عن خطأ بعضها ، ومن هنا أنكر بعضهم المفهوم ، حيث عجز عن تفسيرها بنحو تتوافق كلها.
وثانيا : هو انّه من خلال هذا البحث التفسيري للوجدانات ، نكتشف جوهر دلالة الجملة الشرطيّة على المفهوم ، وهذا يساعدنا على تقييم هذه الدلالة عند معارضتها مع غيرها من الدلالات ، وعليه ، فيقع الكلام في مقامين.
الأول : في ذكر هذه الوجدانات.
والثاني : في تفسيرها.