والانحصاريّة ، غير مأخوذة في مدلول الجملة الشرطيّة وضعا ، وحينئذ ، يصدق الوجدان الثاني ، إلّا انّ هذه الخصوصيّات ، نثبتها بالإطلاق ومقدمات الحكمة ، وبذلك ، يصدق الوجدان الأول.
ومن هنا نشأت محاولة الميرزا «قده» ، لإثبات العليّة بأصالة التطابق وإثبات الانحصار بالإطلاق ومقدمات الحكمة ، كما عرفت (١) ، وهذا الإتجاه غير تام ، إذ قد اتضح ممّا ذكرنا عدم إمكان إثبات العلية بأصالة التطابق ، وعدم إمكان إثبات الانحصار بمقدمات الحكمة.
٢ ـ الإتجاه الثاني : وقد سلكه صاحب الكفاية «قده» (٢) ، فإنّه بعد أن أدرك ، انّ الإطلاق ومقدمات الحكمة ، لا تفي بإثبات الانحصار والعليّة ، تزلزل وجدانه الأوّل ، القاضي بثبوت المفهوم ، باعتبار انّه لم يجد حلا لهذه المشكلة ، بينما نجد انّه يعمل بالمفهوم في الفقه ، فهذا يدل على انّه طرح الوجدان الأول أصوليا فقط ، باعتبار عدم تمكّنه من حل المشكلة.
والتحقيق في المقام ، بحيث يتلائم الوجدان الأول ، مع الوجدان الثاني ، هو أن يقال : بأنّ هذه الخصوصيّات ، وهي اللزوم ، والعليّة ، والانحصاريّة ، غير مأخوذة في مدلول الجملة الشرطية وضعا ، وبهذا ، يصدق الوجدان الثاني.
ويقال أيضا : بأنّ المأخوذ في مدلول الجملة الشرطيّة وضعا ، هو النسبة التوقفيّة ، بالمعنى الذي عرفته ، وحينئذ ، يصدق الوجدان الأول ، القاضي بثبوت المفهوم ، لأنّه إذا كانت الجملة الشرطيّة دالة على النسبة التوقفيّة ، يكون لها مفهوما ، وقد اتضح ذلك سابقا.
وفي قولنا : إذا كان الإنسان ناطقا كان الحمار ناهقا ، وإن كنّا نشعر
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي ج ١ ـ ص ٢٩٨ ـ ٢٩٩ ـ ٣٠٠ ـ ٣٠٣.
أجود التقريرات ـ ج ٢ ص ٤١٧ ـ ٤١٨.
(٢) كفاية الأصول ـ الخراساني ج ١ ص ٣٠٠ ـ ٣٠١.