الحكم يطرأ على المقيّد بما هو مقيّد ، وحينئذ يكون التقييد لمفهوم مفرد في المرتبة السابقة قد وقع موضوعا للحكم ، فيكون نظير اللقب ، الذي لا يدل على أكثر من ثبوت الحكم له لأن غاية ما تدل عليه الجملة الوصفية ان الحكم ثابت لهذا المقيّد وهذا لا يعني انتفاؤه عن غيره. وأمّا بناء على الثاني أي إذا كان الوصف قيدا للحكم ، كما حقّق في محله ـ فإنّه بناء على إمكان تقييد الحكم ومفاد الهيئة ـ فحينئذ يثبت المفهوم لا محالة ، لأنّ الحكم إذا كان مقيّدا ، فالمقيّد عدم عند عدم قيده ، وهو المفهوم (١).
إذن فيثبت المفهوم.
وحيث أنّ الظاهر عرفا من القضايا الوصفيّة ، رجوع القيد إلى الموضوع أو المتعلق ، فلا مجال حينئذ لتوهم المفهوم فيها.
وقد مرّ معنا مناقشة هذا البيان لمدرسة النائيني «قده» في نفي المفهوم عن الجملة الوصفية ، عند تحقيقنا لضابط المفهوم ، حيث ذكرنا هناك ، انّه لا بدّ من إثبات كون المعلّق هو سنخ الحكم ، ولا يكفي مجرد تقييد شخص الحكم في تحقيق المفهوم ، فقوله «أكرم العالم العادل» ، تكون العدالة قيدا للعالم ، فتحصّصه ، ثم يطرأ الوجوب بعد ذلك ، وليست قيدا للحكم ، لأنّه لا يفهم من هذه القضيّة وجوب إكرام العالم حين عدالته حتى لو كان القيد راجعا إلى الحكم فيها.
وعليه ، فيتعيّن القول بعدم المفهوم حينئذ ، لأنّ كون القيد قيدا للحكم لا يكفي وحده في إثبات المفهوم ، بل لا بدّ من إثبات الركن الثاني ، وهو كون المقيّد طبيعي الحكم لا شخصه.
وإثبات كون المقيّد هو طبيعي الحكم ، متوقف على إجراء مقدمات الحكمة فيه.
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي ـ ج ١ ـ ص ـ ٣١٤ ـ ٣١٥.