فتثبت العليّة ، ولا نريد بالعليّة أكثر من هذا المعنى (١) ، وبالنسبة للنقطة الثانية أراد أن يعوّض بواسطة ظهورين يضمّان إلى الأول ، أحدهما ظهور الخطاب في كون الوصف بخصوصه علة ، وثانيهما ، ظهور المعلول في كونه طبيعي الحكم لا شخصه ، وبذلك تتم الدلالة على المفهوم ، لأنّ ثبوت علتين وموضوعين عرضيّين للجعل الواحد مستحيل ، لعدم تحمّل كل جعل لأكثر من موضوع واحد ، وثبوت موضوعين كذلك لطبيعي الحكم بلحاظ حصتين منه هو خلاف الظهور الثاني ، وثبوت موضوع واحد ، وهو الجامع بين العلّتين لطبيعي الحكم ، خلاف الظهور الأول ، وهذا يعني انّ أيّ حصة تفترض للحكم لا بدّ وأن تكون علته منحصرة في الوصف المأخوذ في الجملة ، وهو المطلوب.
وإن شئت قلت : انّه يمكن أن نثبت الانحصار بواسطة ظهورين موجودين في قول المولى : «اكرم العالم العادل».
أ ـ الظهور الأول : هو ظهور العدالة في انها بعنوانها علة لوجوب الإكرام.
ب ـ الظهور الثاني : هو ظهور المعلول ، في انّ المعلول هو طبيعي الحكم.
وحينئذ ، إذا ضممنا الظهور الثاني إلى الأول ، فيثبت الانحصار ، لأنّه يقال : انّ العدالة لو كانت علة لبعض أشخاص وجوب الإكرام ، ولم يكن جعل آخر لوجوب آخر ، فقد ثبت المطلوب ، وإن فرض وجود جعل آخر ، فإن كانت علته هي العدالة فقد ثبت المطلوب أيضا ، وإن فرض أنّ علته شيء آخر غير العدالة ، فهو خلاف الظهور الثاني ، القائل ، بأنّ المعلول للعدالة هو طبيعي وجوب الإكرام ، لأنّ معنى هذا الفرض هو ، كون العدالة علة لبعض الوجوب ، وإن فرض انّ لهذا الجعل الآخر علتين متبادلتين ـ كالعدالة
__________________
(١) نهاية الدراية ـ الأصفهاني ـ ج ٢ ، ص ١٧٧ ـ ١٧٨.