نعم لو قلنا بامتناع الترتب ، لما أمكننا الالتزام بالخطابين ، لأنّ الالتزام بهما نتيجة الترتّب ، بل لوقع التعارض حينئذ ، وخرج باب التزاحم عن كونه مستقلا ، ودخل في باب التعارض ، وحيث أنّنا نقول بإمكان الترتّب ، فإنّنا نلتزم بوجود خطابين نتخيّر أحدهما ترتبيا وهو التخيير العقلي هذا في المشروطين بالقدرة العقلية.
وإن شئت قلت : إنّه تارة يكون البحث في عالم الإثبات ، وما يستفاد من دليلي الخطابين المتزاحمين ، وأخرى يكون البحث في عالم الثبوت ، وما يترتب على كون التخيير عقليا أو شرعيا.
فالصحيح في عالم الإثبات هو : إنّ التخيير عقليّ في كل حال ، سواء أكان الخطاب مشروطا بالقدرة الشرعية أي : كان الاشتغال بالضد الواجب رافعا للملاك والخطاب معا ، أم كان مشروطا بالقدرة العقلية ، وذلك لأنّ ظاهر دليل كل من المتزاحمين هو الخطاب التعييني به ، غاية الأمر أنّه قد فرض تقييده بالمقيد اللّبي عقلا ، أو بأخذ القدرة فيه شرعا.
ومن الواضح أنّ كل واحد منهما في فرض عدم الاشتغال بالآخر يكون مقدورا ، فيكون إطلاقه لفرض عدم الاشتغال بالآخر ثابتا ومقتضيا ، لكونه تعيينيا ، ملاكا وخطابا. إذن فلا موجب لرفع اليد عنه ، وافتراض وجود ملاك واحد بالجامع بينهما ، كما ذكر المحقق الميرزا «قده».
وعليه ، فلو أنّ المكلف ترك امتثال كلا الخطابين معا ، فإنّه يكون بذلك مخالفا لتكليفين فعليين في حقه ، ومفوتا لملاكين ثابتين للمولى. وأمّا إذا امتثل أحدهما ، فيكون ممتثلا لتكليف ، ورافعا لموضوع تكليف آخر كما عرفت.
نعم بناء على امتناع الترتّب يقع التعارض بين الخطابين الظاهرين في التعيينية ، بلحاظ مورد التزاحم ، وخرج باب التزاحم عن كونه مستقلا ، ودخل في باب التعارض. فلو أنّه فرض العلم بثبوت التكليف إجمالا في مورد التزاحم ، وعدم سقوطه رأسا ، اندرج المقام في الشبهة الحكميّة التي