بذلك ؛ لأن القضاء والقدر ، لم يضطرهم إلى ذلك ، ولا قهرهم عليه ، بل كان غيره ممكنا لهم ؛ لذلك لم يكن لهم الاحتجاج [عليه بذلك ؛ لأن القضاء](١) بهذا أعني بالقضاء والقدر ، لكان لهم الاحتجاج عليه. أيضا. بالعلم ؛ إذ لا شك أنه علم ذلك منهم ، فإذا لم يكن الاحتجاج عليه بما علم منهم ذلك ؛ إذ لا يقدرون أن يفعلوا غير الذي علم منهم ، فعلى ذلك لم يكن الاحتجاج عليه بالقضاء والقدر [لأن القضاء والقدر](٢) لما علم أنه يختار ذلك ويؤثره على ضدّه لجاز ذلك لهم بالعلم ونحوه ، دلّ أن ذلك ليس بشيء لما قضى ذلك عليهم وقدر ، وإذا كانوا هم عند أنفسهم لا يفعلون وقت فعلهم ؛ لما كذلك قضى عليهم ؛ فلم يكن الاحتجاج لهم عليه بذلك ؛ إذ القضاء والقدر لم يمنعهم عن ذلك لما لا يضطرون على ذلك ، وإنما قضى ذلك لما علم أنهم يفعلون ويختارون ذلك ؛ لذلك كان ما ذكرنا ، وكذلك كل من قضى في الشاهد على آخر إنما يقضي ؛ لما سبق منه العلم به.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ).
أي : من وفقه لقبول ما كان من الهدى وعصمه عما وسوس إليه الشيطان ، فهو المهتدي عند الله وعند من عقل الهدى ، (وَمَنْ يُضْلِلْ) ، أي : من خذله ولم يعصمه حتى يقبل من الشيطان ما جاء من وساوسه هو ضال.
(فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ).
يحتمل : لن تجد لهم أولياء من دونه يهدونهم لدينهم ويوفقونهم.
أو لن تجد لهم أولياء ينصرونهم من دونه ، ويدفعون عنهم ما نزل بهم من العذاب ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا).
قال الحسن : يحاسبون حتى يعلموا سوء صنيعهم الذي صنعوا في الدنيا ، ثم يحشرون إلى جهنم ما ذكر عميا وبكما وصمّا ، أو كلام نحو هذا.
ثم يحتمل قوله : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) ما ذكر في آية أخرى : (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ) [القمر : ٤٨] وقوله : (أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ ...) الآية [الزمر : ٢٤] ، إنما يتقي بوجهه ؛ لما تكون أيديهم مغلولة إلى أعناقهم ، وقوله : (عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) هذا يحتمل وجهين :
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.