كقوله : (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ) [مريم : ٨٣] ، أي : [خلينا بينهم وبين الشياطين.
وقال بعضهم : (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ) أي :](١) سلطنا عليكم.
وقوله : (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) رد على المعتزلة ؛ لأنه ذكر [أنه](٢) بعث عليهم عبادا أولي بأس شديد ، وإنما بعثهم لجزاء إساءتهم ولسوء صنيعهم ، وذلك شر يفعل بهم ؛ دلّ أن لله صنعا في جميع فعل العباد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ).
قال بعضهم (٣) : جاسوا ـ من التجسّس ، أي : يتجسّسون أخبارهم ويسمعون أحاديثهم ، وهم جنود جاءوا من فارس.
وقال بعضهم (٤) : (فَجاسُوا) ، أي : قتلوا الناس في الأزقّة ، وقيل : في الطرق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً).
أي : الذين قالوا : (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) وعدا كائنا مفعولا ، أي : كان وعدا موعودا مفعولا كائنا ، وإلا الوعد لا يأتى ، وكذلك قوله : (إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) [مريم : ٦١] ، أي : موعودا مأتيّا ، وكذلك ما أشبه هذا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ).
أي : الغلبة والهلاك عليهم.
(وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً).
أي : أكثر رجالا منكم ـ قبل ذلك ـ وعددا ، ثم إذا عصوا ثانيا ، وكفروا بربهم سلط الله عليهم قوما آخرين ؛ فدمروا عليهم ، فذلك قوله :
(فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ).
الهلاك والتدمير ، أي : موعود الآخرة.
(لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ).
ثم وعد لهم الرحمة إن تابوا ورجعوا عن ذلك بقوله : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ). ثم أوعدهم العود إليهم بالعقوبة بقوله : (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) ، أي : وإن عدتم إلى المعاصي عدنا
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير (٢٢٠٧١) و (٢٢٠٧٣) ، وابن أبي شيبة ، وابن المنذر وابن أبي حاتم ، كما في الدر المنثور (٤ / ٢٩٩).
(٤) قاله البغوي بنحوه (٣ / ١٠٦).