السابقة في أحدهما ويعمل بالأهم ملاكا إن كان موجودا في البين وإلّا ، أي وإن لم يكن الأهم بموجود ، أي كان موجودا في الواقع ولم يعلم المكلف فالتخيير بينهما ان لم يمكن انقاذهما معا.
قوله : كاستصحاب وجوب أمرين حدث بينهما التضاد ...
كما لو علم بوجوب الانفاق على والده ، وبوجوب الصدقة على الفقير بدرهم مثلا ثمّ شكّ في بقاء الوجوبين في زمان لا يتمكن المكلّف إلّا من درهم واحد فانه يستصحب وجوب الأمرين وهما : الانفاق والصدقة معا ولكن يتخير بينهما إن لم يكن أهم في البين وإلّا تعيّن اتيان الأهم عليه.
فان قيل : يعلم بعدم فعلية أحدهما بعد حدوث التضاد بينهما ، أي عدم امكان الاتيان بهما معا ، إذ فعلية التكليف فرع تمكّن المكلف من الاتيان بالمكلف به والغرض عدم امكان العمل بهما معا لحدوث التضاد بينهما في زمان جريان الاستصحاب.
قلنا : ان العلم المذكور لا يمنع في القيام من جريانه لان عدم فعلية المعلوم له انما هو لقصور في المكلّف لا في التكليف ، ومثله لا ينافي العلم بالوجوب فضلا عن استصحابه ، كما لا يخفى.
فان قيل : لا يترتب الأثر الشرعي على كل من الأمرين لعدم القدرة على كليهما كما هو المفروض. وعلى هذا الأساس فلا يجري الاستصحاب إلّا في أحدهما يكون مقدورا له. ويترتب الأثر الشرعي على ذلك.
قلنا : يكفي الأثر العملي كون المستصحب تخييريا بعد جريان الاستصحاب إما الانفاق على الوالد وإما الصدقة على الفقير.
فالنتيجة : إذا استصحب بقاء وجوب الأمرين المذكورين وثبت وجوبهما بالاستصحاب فيصير وجوبهما حينئذ من باب تزاحم الواجبين ويؤخذ بالاهم ملاكا