في الاستدلال على جواز التقليد بسيرة العقلاء
قوله : ثم انّه لا يذهب عليك أن جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم ...
قال المصنّف قدسسره : انه لا يخفى عليك أن جواز التقليد للمكلف الذي لم يبلغ مرتبة الاجتهاد ورجوع الجاهل إلى العالم الذي يكون جامعا للشرائط المعهودة يكون بديهيا جبليا فطريا لا يحتاج إلى إقامة البرهان وتجشّم الاستدلال وان لم يكن جواز التقليد بديهيا جبليا فطريا بأن كان نظريا منوطا بالبرهان والاستدلال لزم انسداد باب العلم على العامي بجواز التقليد مطلقا أي سواء كان له حظّ من العلم بحيث لم يبلغ مرتبة الاجتهاد أم لم يكن له حظّ منه غالبا أي انسداد باب العلم بجواز التقليد على العامّي انّما يكون بالنسبة إلى غالب أفراد الجهال لو لم يكن جواز التقليد بديهيا فطريا جبليا لأجل عجزه عن معرفة ما دلّ على جواز التقليد من الآيات المباركات والروايات الشريفات من آية السؤال والنفر ، وسيأتي توضيحهما مفصّلا إن شاء الله تعالى.
والحال انّه لا يجوز التقليد عن الغير في جواز التقليد عن الغير ، إذ لو كان جواز التقليد بتقليد آخر فان كان ذاك التقليد الآخر بهذا التقليد لزم الدور إذ يتوقّف جواز التقليد عن الغير بالتقليد الآخر عنه والتقليد الآخر يتوقّف على جواز التقليد عن الغير ، فهذا دور صريح ، وإن كان التقليد الآخر بتقليد الثالث والتقليد الثالث بالتقليد الرابع وهكذا هلم جرّا لزم التسلسل وهذا معنى قول المصنّف قدسسره : ولا يجوز التقليد فيه وإلّا لزم الدور المحال أو التسلسل المحال عقلا بل هذه الفطرة والجبلية عمدة أدلّة جواز التقليد من باب رجوع الجاهل إلى العالم في كل فن من الفنون ولكن أغلب ما عداها قابل للمناقشة لأنّ أدلّة جواز التقليد امّا كتاب وامّا سنّة وامّا