الاشكال غير وارد إذ لا دليل العقلي ولا النقلي من آية أو رواية معتبرة بلزوم كون العمل عن تقليد سابق كي يلزم أن يكون التقليد سابقا على العمل وإلّا كان العمل الأوّل بلا تقليد ؛ بل الذي يلزم على العامّي بمقتضى الأدلّة الآتية إن شاء الله تعالى هو التقليد عن المجتهد الجامع للشرائط من البلوغ على الأحوط ، والعقل ، والايمان ، والعدالة ، والرجولية ، والاجتهاد المطلق ، والأعلمية ، وتفصيلها في الفقه الشريف.
وعلى هذا الأساس إذا عمل العامي بقول المجتهد فقد صدق عليه أنّه قلّده وإن لم يصدق عليه أنه قد عمل عن تقليد سابق ، وقد أشار المصنّف قدسسره إلى عدم ورود هذا الاشكال بقوله : فافهم.
فإن قيل : لو كان التقليد هو نفس العمل بقول الغير للزم الدور الصريح في العبادات ، أمّا بيانه فلأن وقوع العبادات في الخارج بحيث يمتثل أمرها يتوقّف على قصد القربة وقصد القربة يتوقّف على العلم بكون العمل عبادة والعلم بكونه عبادة للعامّي يتوقّف على التقليد.
وعليه فلو كان التقليد هو العمل بقول الغير لتوقف وقوع العبادة في الخارج على وقوعها عبادة في الخارج فالتقليد يتوقّف على كون هذا العمل عبادة والعلم بكون العمل عبادة يتوقّف على التقليد ، وهذا دور صريح ، كما لا يخفى.
قلنا : ان العلم بكون العمل عبادة للعامّي يتوقّف على قول المجتهد المطلق ولا يتوقّف على التقليد الذي هو عبارة عن نفس العمل بقول الغير.
وعلى طبيعة الحال ؛ فالتقليد يتوقّف على العلم بكون العمل الخاص عبادة يشترط فيها قصد القربة والتقرّب إلى ساحة المولى الجليل. وأمّا العلم بكون هذا العمل عبادة فيتوقّف على قول المجتهد المطلق بأنه عبادة ولا يتوقّف على التقليد عن الغير فيكون الموقوف شيئا والموقوف عليه شيئا آخر فلا دور في البين أصلا ، وهذا واضح لا سترة فيه.