كي تعرف غرض أصحاب التصويب وهو عبارة عن نفي أصل الحكم قبل الاجتهاد.
وعليه يرجع هذا الوجه الثالث إلى الوجه الثاني من التصويب كما لا يخفى ، وقد سبق تحقيق فساد التصويب الذي يكون في الأحكام الشرعية. وأمّا التصويب في الأحكام العقلية فهو مستحيل قطعا بداهة ان القائل بإمكان إعادة المعدوم والقائل بامتناعه وكذا القائل بجواز اجتماع الأمر والنهي ؛ والقائل بامتناعه لو كانا مصيبين للواقع للزم كون شيء واحد ممكنا وممتنعا ، وهذا محال عقلا.
في اضمحلال الاجتهاد السابق
قوله ؛ فصل إذا اضمحل الاجتهاد السابق بتبدّل الرأي الأوّل بالآخر أو بزواله بدونه ...
إذا حصل تبدّل الرأي للمجتهد واضمحل اجتهاده الأوّل مثلا أفتى أوّلا بعدم وجوب السورة في الصلاة ثم بنى على وجوبها فيها ولا شك في إتيان الأعمال اللاحقة بعد الاجتهاد الثاني على وفقه ، وأمّا الاجتهاد الأوّل الذي اضمحلّ فهو ليس بحجّة بالإضافة إلى الأعمال اللاحقة لنفس المجتهد ولا لمقلّديه ، فهذا لا إشكال فيه. وانّما الكلام في الأعمال السابقة على الاجتهاد الثاني وأوتيت على طبق الاجتهاد الأوّل فهل هي محكومة بالصحّة مطلقا أو البطلان مطلقا أو فيها تفصيل بين العبادات والمعاملات وبين أن يكون الاجتهاد السابق ناشئا من دليل علمي كالخبر المتواتر أو من دليل ظنّي كالامارات غير العلمية بحيث تكون المعاملات صحيحة دون العبادات وبحيث تكون الأعمال السابقة التي كانت مستندة إلى الاجتهاد العلمي صحيحة ، وامّا الأعمال السابقة التي كانت مستندة إلى الاجتهاد الظنّي فهي محكومة بالبطلان.