وحكم الصورة الثانية قد بيّنت ، وإمّا حكم الصورة الثالثة وهي عبارة عمّا إذا كان الأثر المهم مترتّبا على العدم الذي يكون بنحو مفاد ليس التامّة فيقال أنّه يجري استصحاب العدم في مجهول التاريخ فقط ، إذ يتصل زمان الشك بزمان اليقين فيه ولكن لا يجري هذا الاستصحاب في معلوم التاريخ أصلا ، إذ لا وجود للشك اللاحق فيه في زمان من الأزمنة.
والتفصيل أنّ الأثر المهم مترتّب على عدم أحد الحادثين بحيث يكون موضوع الأثر هو الحادث الذي يكون في ظرف حدوث الحادث الآخر مقيّدا بالعدم فاستصحاب العدم في مجهول التاريخ إلى زمان حدوث الحادث الآخر في الخارج يجري ويترتّب عليه أثره.
وامّا معلوم التاريخ فلا يجري استصحاب العدم فيه لعدم وجود الشك فيه عدمه مشخص وحدوثه مشخص أيضا فلا مورد لاستصحاب العدم فيه أصلا.
نعم إذا لوحظ وجود الحادث المعلوم التاريخ مع الحادث الآخر فليس اعتبار زمان حدوث المعلوم التاريخ من حيث التقدّم والتأخّر والتقارن بمعلوم لنا تفصيلا ، وان نعلم إجمالا بتقدّم أحدهما ، أو تأخّره. وقد سبق في بحث مجهولي التاريخ عدم صحّة جريان الاستصحاب إذا لم يحرز اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، مثلا علمنا بملاقاة اليد المتنجسة في ساعة السبع من يوم الأحد ولكن لا نعلم تفصيلا ان الكرية هل تحقّقت في يوم السبت حتى لا تؤثر الملاقاة في نجاسة الماء ، أم تحقّقت بعد يوم الأحد كي يكون الماء متنجسا وعليه فقد علم ان الملاقاة لم تكن في يوم السبت وهي كانت في يوم الأحد فلا يكون الشك فيه من حيث تقدّمها على الكرية وتأخّرها عنها فيجري استصحاب عدم الكرية إلى زمان الملاقاة فيحكم بكونه متنجسا من باب ترتيب الأثر على ذي الأثر ، هذا بيان حكم الصورة الثالثة.