فإن قيل : انّا سلّمنا زوال الرأي بموت المجتهد في نظر العرف ، ولكن لا يشترط بقاء الرأي في جواز التقليد بل يكفي في جوازه وجود الرأي في حال الحياة ويعمل المقلّد على طبق الرأي كما هو الحال في الرواية ، مثلا إذا نقل زرارة بن أعين قدسسرهما عن مولانا الصادق عليهالسلام رواية فتكون حجّة لنا ولكن لا يلزم بقاء حياة الراوي إلى حين العمل بها وكذا إذا أفتى المفتي بحكم فهو حجّة لنا ولا يلزم بقاء حياة المفتي إلى حين العمل بهذه الفتوى.
قلنا : ان الرأي في جواز التقليد عن ذي رأي ليس مثل الرواية بل بينهما فرق واضح ؛ وهو عبارة عن لزوم بقاء الرأي في التقليد ولهذا الأمر إذا عرض الجنون للمجتهد أو عرض له السهو والنسيان فلا يجوز تقليده حينئذ لعدم بقاء الرأي ولا العمل برأيه السابق وكذا إذا ظهر له تبدّل الرأي حرفا بحرف كما أشير إلى هذا المطلب آنفا. هذا كلّه بالنسبة إلى تقليد الابتدائي أي لا يجوز التقليد عن الميّت ابتداء. أما بخلاف الرواية فانه يكفي في جواز العمل بها كون الراوي موثقا سواء كان حيّا أم ميّتا.
في البقاء على تقليد الميّت
قوله : وامّا الاستمراري فربّما يقال بأنّه قضية الاستصحاب ...
اختار صاحب الفصول قدسسره التفصيل بين عدم جواز التقليد عن الميّت ابتداء وبين جواز البقاء على تقليده واستدلّ على جواز البقاء على تقليد الميّت بعد موته باستصحاب الأحكام التي قد قلّده المكلّف فيها زمان حياته بأن رأيه وإن كان مناطا لعروض الأحكام الشرعية على موضوعاتها وحدوثها لها إلّا أنه عرفا من أسباب العروض لا من مقوّمات الموضوع والمعروض كما إذا أفتى بوجوب صلاة الجمعة في عصر الغيبة أو بنجاسة ماء الغسالة فيكون الوجوب عارضا عليها بسبب فتوى المجتهد بوجوبها وكذا النجاسة تكون عارضة عليها بسبب فتواه فيكون الرأي ثابتا