مثل التغيّر الذي هو من أسباب عروض النجاسة على الماء وليس من مقوّمات الموضوع والمعروض الذي هو عبارة عن الماء حتى يزول الموضوع بزوال التغيّر وكذا رأي المجتهد يكون من أسباب عروض الأحكام على موضوعاتها وليس من مقوّمات الموضوع والمعروض الذي هو عبارة عن المجتهد كي يزول بزواله وبانعدامه والرأي باق ما دام الحكم باقيا وإذا كان الرأي باقيا فيصح استصحاب بقائه بعد الموت ويصح البقاء على تقليده بعد موته هذا وجه الأول للقائلين بجواز البقاء على تقليد الميت بل وجوبه إذا كان الميت أعلم من الحيّ والأحياء كما لا يخفى.
قوله : ولكنه لا يخفى أنه لا يقين بالحكم شرعا سابقا ...
وقد اعترض المصنّف قدسسره في استصحاب الأحكام التي قد قلّد المقلد فيها مجتهدا بأن المقصود من الأحكام التي نستصحبها إن كان هي الأحكام الواقعية فهي مما لم نتيقّن بثبوتها في السابق كي نستصحبها في اللاحق لأن المفتي يحتمل أنّه لم يستنبط الأحكام الواقعية عن مداركها في زمن حياته فلا يقين لنا بثبوتها سابقا فيختل أركان الاستصحاب لأنه إذا لم يكن اليقين السابق بموجود فلا يكون الشك اللاحق بموجود ؛ وإن كان المراد منها هو الأحكام الظاهرية ، وإذا كان رجوع الجاهل إلى العالم ثابتا بحكم العقل والفطرة فمقتضى ذلك ليس إلّا منجزية قول العالم على الجاهل عند الاصابة للواقع وعذريته عند الخطأ وليس مقتضاه جعل الأحكام الظاهرية على طبق قول العالم حتى نستصحب تلك الأحكام عند الشك في بقائها وزوالها.
وأمّا إذا كان الرجوع بالأدلّة النقلية من الآيات المباركات كآية السؤال والنفر مثلا والروايات المأثورة فالأمر كذلك لأن المجعول في الامارات الشرعية ليس إلّا المنجزية عند الاصابة والعذرية عند الخطأ وليس المجعول بأحكام ظاهرية على طبق مؤدّياتها.