اليقين بالحجة والبرهان على خلاف اليقين السابق كما هو حال الاستصحاب مع سائر الامارات ، إذ بعد قيام الامارات يكون نقض اليقين السابق باليقين اللاحق حتى يكون منهيا عنه بمقتضى أخبار الاستصحاب.
وعلى ضوء هذا ففي كل مورد تجري فيها القرعة فلا يكون الاستصحاب الذي يجري فيه مخصصا لها ، إذ دليل القرعة يكون واردا على دليل الاستصحاب كورود الامارات المعتبرة عليه لانه يرتفع به موضوع الاستصحاب ، ومع هذه الكيفية لا يجري الاستصحاب في موضع جريان القرعة.
وينبغي ان يقال ان الموارد التي تجري فيها القرعة لو اجرينا الاستصحاب على خلافها للزم أحد الأمرين على سبيل منع الخلو لدوران الأمر حينئذ بين التخصيص ، أي تخصيص دليل القرعة بدليل الاستصحاب وبين التخصص والخروج الموضوعي ، أي نقول ان مع وجود القرعة نلتزم بارتفاع موضوع الاستصحاب ، فيكون خروج الاستصحاب عن القرعة كخروج الجاهل عن العالم.
ومن المعلوم ان في صورة دوران الأمر بين التخصيص وبين التخصص فيكون الثاني أرجح من الاول ، وقد سبق تحقيقه في بحث تعارض الاحوال في الجزء الاول من هذا الكتاب.
هذا ، مضافا إلى ان تخصيص دليل القرعة بدليل الاستصحاب موجب للدور المحال. أما بيانه فلان كون الاستصحاب مخصّصا لدليل القرعة يتوقف على اعتباره شرعا في موردها واعتباره في مورد القرعة يتوقف على كونه مخصّصا له ، فيدور الامر حينئذ بين المخصّص على وجه الدائر وبين التخصص لا على وجه الدائر ، ولا ريب في رجحان الثاني.