وأخبار الثقات مبينة للاحكام بعنوانها الاولية وأن الاستصحاب مبيّن للاحكام بعنوانها الثانوية. وأن موضوع القرعة هو المجهول واقعا وظاهرا. وأن الامارات على خلاف الاستصحاب رافع للشك في الحكم الواقعي الذي هو موضوع الاستصحاب. وأن الاستصحاب رافع لموضوع القرعة ، إذ بالاستصحاب يحرز الحكم الظاهري ، فلا يبقى للقرعة موضوع بعد كون موضوعه الجهل بالحكم الواقعي والظاهري معا كما ذكرناه.
بل يقدم على القرعة أصل من الاصول كاصالة الطهارة واصالة الحل وغيرهما ، مما ليس له نظر إلى الواقع ، إذ هذه الاصول كاصالة الطهارة واصالة الحل واصالة الاباحة تعين الوظيفة الفعلية في ظرف الشك في الواقع ، أو بعد تعيين الوظيفة الظاهرية بواسطة هذه الاصول تنتفي القرعة بانتفاء موضوعها.
وبالجملة مورد القرعة نظرا إلى مورد الروايات الواردة فيها هو اشتباه الحكم الواقعي والظاهري فالمراد من قوله عليهالسلام في رواية : (كل مجهول ففيه القرعة) هو المجهول المطلق ، أي المجهول من حيث الحكم الواقعي والظاهري.
وعلى هذا ، أي على كون موضوع دليل القرعة المجهول واقعا وظاهرا وبكل عنوان فمقتضى هذا تقدم الاستصحاب على القرعة لكون الاستصحاب بيانا للحكم الظاهري فيكون رافعا للجهل المطلق ، فدليل الاستصحاب يدل على حرمة نقض اليقين السابق بالشك اللاحق ، وهذا الدليل يصدق حقيقة على المشكوك الذي له حالة سابقة ، وهو رافع لموضوع دليل القرعة أيضا.
كما أن دليل الاستصحاب يكون مثبتا لحكم الشك المسبوق باليقين.
فالنتيجة : يثبت بدليل الاستصحاب الأمران :
الاول : كونه رافعا لموضوع دليل القرعة.