هذا مضافا إلى ان الأدلة الحاكمة تكون ناظرة إلى أدلة المحكوم بنحو لو لم تكن الاحكام الشرعية مجعولة من قبل الشارع المقدس لكان نحو (لا ضرر ولا ضرار ، ولا حرج) وغيرها لغوا. وعلى هذا فلو لم تكن الاحكام للشك مجعولة لكان نحو (لا شك لكثير الشك) لغوا. وأما بنحو (صدّق العادل) فليس له نظر إلى أدلة الاصول بحيث لو لم تكن الاحكام للبراءة والاحتياط والتخيير والاستصحاب مجعولة لكان نحو (صدّق العادل) لغوا ، وليس الأمر كذلك.
نعم تكون الامارات مجعولة في موارد الاصول الشرعية ، وهذا ليس بدخيل بنظر احد الدليلين إلى الدليل الآخر ، وبكون أحدهما مفسرا للآخر.
نعم ينفي أحدهما الآخر عقلا بحيث لا يمكن العمل بالامارة والأصل معا في مورد واحد ومحل فارد وليس المراد بالحكومة هذا النفي.
فان قيل : ان الامارات تتعرض لبيان احكام موارد الاصول كما إذا دل الخبر الواحد على عدم وجوب الدعاء عند رؤية الهلال ، أو دل على وجوب السورة في الصلاة ، أو على وجوب صلاة الجمعة في عصر الغيبة ، فهذا الأمر يوجب كون الامارات ناظرة إلى الاصول الشرعية وشارحة لها ، فالنتيجة حكومتها عليها ثابتة.
قلنا : ان محض تعرض الامارات لبيان احكام موارد الاصول الشرعية لا يوجب نظرها اليها وشرحها لها ، لأن مجرد التعرض المذكور لو كان سببا لحكومة الامارات على الاصول ليقال ان ادلة الاصول العملية تدل بالدلالة الالتزامية العقلية على ان مورد الاجتماع والتعارض انما يكون على طبق الاصل لا الامارة ، وهذا مستلزم عقلا لنفي مقتضى الامارة في هذا المورد ، وبهذا الترتيب يمكن ان يقال بحكومة الاصول الشرعية على الامارات. والحال لم يقل بها أحد من الاعلام (رض).