أوسعية التخيير فواضحة ، إذ لزوم الأخذ باحدهما المعين يوجب الضيق على المكلف وهذا واضح.
وأما بيان كونه أحوط فلعدم العلم بالمرجحات في جميع الموارد في زمن صدور الروايات عنهم عليهمالسلام لعدم العلم بفتاوى العامة غالبا كي يحصل العلم لنا في ذلك العصر بموافقة الروايات للقوم ، أو بمخالفتها لهم بل يحصل الظن في ذاك العصر بالمرجحية ومن المعلوم ان الأصل حجية هذا الظن فتصل النوبة حينئذ بالاحتياط وهو بمقتضى العمل باطلاقات أخبار التخيير وأما عبارة الكافي فتكون هكذا : اعلم يا أخي أرشدك الله تعالى أنه لا يسع أحد تميز شيء مما اختلفت الرواية فيه من العلماء برأيه إلّا ما اطلقه العالم عليهالسلام بقوله المبارك : (فاعرضوهما على كتاب الله عزوجل فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله عزوجل فذروه) وقوله عليهالسلام : (دعوا ما وافق القوم فان الرشد في خلافهم) وقوله عليهالسلام : (خذوا بالمجمع عليه) فان المجمع عليه لا ريب فيه ولا نعرف من جميع ذلك إلّا أقله ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله : (بأيهما أخذتم من باب التسليم وسعكم) انتهى كلامه رفع مقامه.
ولكن انت ترى أن ما ذكره الكليني قدسسره في ديباجة الكافي ليس انكارا للترجيح مطلقا ولا اثباتا للتخيير مطلقا ، أي مع وجود تلك المرجحات ومع فقدها بل ظاهره هو الترجيح بموافقة الكتاب وبمخالفة القوم وبالشهرة.
وحيث ان المعلوم من هذه المرجحات لا يفي بما اختلفت الروايات فلذا قال لا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من ردّ علم ذلك إلى العالم وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله عليهالسلام بأيهما أخذتم من باب التسليم وسعكم ولكن ذكر قلة الموارد التي لا نعرف فيها وجود المرجحات فلا بد من رده وعلم كلها إلى العالم عليهالسلام وقبول التخيير.
ومنها أنه لو لم يجب ترجيح ذي المزية للزم ترجيح المرجوح على الراجح