فيهما بل فيهما بمعنى واحد وهو التمامية وإنما الاختلاف فيما هو المرغوب منهما من الآثار التي بالقياس إليها تتصف بالتمامية وعدمها انتهى.
والظاهر انه ليس مراده كونهما من مقولة الاضافة التي هي عبارة عن شيئين إذا عقل أحدهما عقل الآخر ، كالأبوّة والبنوة ، حتى يقال انهما ليسا كذلك قطعا ، مع ان ما ذكر في وجه ذلك بقوله يختلفان بحسب الانظار ، لا يدل عليه : فان الأمور الحقيقية النظرية أيضاً تختلف باختلاف الانظار.
بل مراده كونهما من الصفات ذات الاضافة ، كالعلم مثلا ، لو كان من الصفات لا من الأفعال.
ولكن يرد عليه (قدِّس سره) ان الصفات الحقيقية ذات الاضافة ، وان كان يجوز اجتماع المتقابلات منها ، ككون الشخص عالما بشيء وجاهلا بآخر ، وكون شيء علة لشيء ومعلولا لآخر ، إلا ان ذلك في صورة اختلاف المضاف إليه لا مطلقا. وإلا فلا ريب في عدم جواز اجتماعها. ألا ترى انه لا يعقل كون الشخص عالما بشيء وجاهلا به.
وعلى ذلك ، فحيث انه (قدِّس سره) سيصرح بان معنى الصحة هي التمامية (١) ، فالمضاف إليه للتمامية ، ان كان هو الطبيعة الجنسية أو النوعية أو الصنفية ، فاجتماعهما في واحد الذي يكون مع اختلاف المضاف إليه إنما يتحقق بكون الشيء صحيحا تاما من طبيعة ، وفاسدا وناقصا من أخرى ، لا من حيث ترتب اثر دون آخر ، مثلا ، الخل صحيح وفاسد ، صحيح بالاضافة إلى الخل فاسد
__________________
(١) كفاية الاصول ص ١٨٢ ـ ١٨٣.