والاعلام (قدس الله اسرارهم) اطالوا الكلام في المقام بالنقض والابرام طردا وعكسا.
وحق القول في المقام ، ان المنطوق عبارة عن كل معنى يفهم من اللفظ بالمطابقة وضعا أو اطلاقا أو من ناحية القرينة العامة أو الخاصة.
واما المفهوم فهو عبارة عن معنى يفهم من اللفظ بالدلالة الالتزامية نظرا إلى العلاقة اللزومية البينة بينه وبين المنطوق.
وبعبارة أخرى : ان المفهوم عبارة عما كان انفهامه من لوازم انفهام المنطوق باللزوم البين بالمعنى الاخص أو الاعم بلا حاجة إلى شيء آخر.
وبذلك يظهر ان وجوب المقدمة ، وحرمة الضد ، وما شاكل خارجة عن المفهوم : إذ ما لم يضم إلى دليل وجوب ذى المقدمة ، ووجوب شيء ، من حكم العقل بالملازمة لما كان يستفاد شيء ، فيكون اللزوم غير بيّن فلا يكون من المفهوم.
فان قيل ان تبعية انفهام معنى لمعنى آخر ، لا يكون جزافا ، فلا محالة تكون مستندة إلى امر واقعى ، وهو وجود الملازمة بين المعنيين ، وعليه فلا فرق بين تبعية وجوب المقدمة لوجوب ذى المقدمة ، وتبعية المفهوم للمنطوق ، فكما انه في المورد الأول يتوقف استفادة وجوب المقدمة من دليل وجوب ذيها إلى ضم مقدمة خارجية ، وهي درك العقل الملازمة بين الوجوبين ، كذلك في المورد الثاني يكون انفهام المفهوم من المنطوق مستندا إلى مقدمة خارجية ، وهي كون الشرط في القضية علة منحصرة للحكم. فلا فرق بينهما من هذه الناحية.