فغير سديد إذ مقوم القضية الحقيقية ، فرض الموضوع موجودا وهذا المقدار لا يكفي في صحة الخطاب الحقيقي بل يحتاج إلى فرضه حاضرا ، هو مما لا يقتضيه القضية الحقيقية ، وبالجملة ملاك القضية الحقيقية جعل الحكم على الأفراد المقدرة الوجود ، وملاك الخطاب الحقيقي هو الحضور.
ثم انه قد استدل (١) لعموم الخطابات القرآنية للمعدومين باحاطته تعالى بالموجود في الحال والموجود في الاستقبال.
__________________
(١) الظاهر ان المستدل هو الملا محمد صالح المازندراني (ره) المتوفى ١٠٨١ ه في حاشيته على معالم الدين عند ما نقل قول صاحب المعالم وهو : «لا يقال للمعدومين يا أيها الناس» قال : «وجه ذلك أن الخطاب بالناس يستدعي كون المخاطب إنسانا والمعدوم لا يتصف بالإنسانية فلا يخاطب به. وفيه نظر : أما أولا : فلقوله تعالى (كن فيكون) حيث تعلق خطابه بالمعدوم لاستحالة تحصيل الحاصل ، وأما ثانيا : فلأنه إن تم ذلك في خطاب البشر فلا يتم في خطابه سبحانه لأن الموجودين في زمن الخطاب والمعدومين عنده سواء ومما يؤيد ذلك قوله تعالى (ألست بربكم) والقول بأن الخطاب هنا تعلق بالمشرك بأن قوله به سبحانه لما كان مقرونا بتبليغ الرسول كان من لوازمه اشتراط وجود المخاطبين لا يخلو ما فيه فإن التبليغ إنما يكون بهذا الخطاب على ما هو في نفس الأمر فإن كان الخطاب عاما وجب أن يكون التبليغ أيضا عاما وامتناع تعلق خطاب هذا الرسول نفسه بالمعدومين لا ينافي تعلق خطاب الله من حيث التبليغ بهم». حاشية معالم الدين ص ١٤٠ ـ ١٤١. / ونقل هذا الاستدلال صاحب الفصول الغروية ص ١٨٣ بقوله : «منها : أنّ دليل المنع على تقدير صحته لا يجري في خطابه تعالى لأن الموجودين في زمن الخطاب والمعدومين عنده سواء» ولكنه ضعفه بقوله : «وهذا أيضا ضعيف ..».