دلالة القضية على المفهوم عقلية ، ودلالة العام على العموم لفظية ، فلا يمكن رفع اليد عن المفهوم من جهة العموم.
وبعبارة أخرى : ان المفهوم لازم عقلي للخصوصية التي تكون في المنطوق ، وبديهي انه لا يعقل رفع اليد عن المفهوم من دون ان يتصرف في تلك الخصوصية لاستحالة انفكاك الملزوم عن لازمه والعكس ، ورفع اليد عن تلك الخصوصية بلا موجب لفرض انها ليست طرفا للمعارضة مع العام ، فما هو طرف للمعارضة لا يمكن رفع اليد عنه ، وما يمكن فيه ذلك ليس طرف المعارضة.
ويرده ، ان التعارض بين المفهوم والعام يرجع في الحقيقة إلى التعارض بين المنطوق والعام ، لان القضية ذات مفهوم ، تدل على تلك الخصوصية بالمطابقة ، وعلى المفهوم بالالتزام فالعام المعارض إنما يعارض لكليهما لان انتفاء الملزوم ، كما يستلزم انتفاء اللازم كذلك انتفاء اللازم يستلزم انتفاء الملزوم ، ولا يعقل انفكاك أحدهما عن الآخر ، فالعام المنافى للمفهوم يكون منافيا للمنطوق ، ويقع التعارض بينهما.
وقد فصل المحقق الخراساني (ره) (١) في المقام بما حاصله ، انه إذا ورد العام مع ما له المفهوم في كلام أو كلامين مرتبطين ، على نحو يصلح ان يكون كل منهما قرينة على الآخر ، ودار الأمر بين تخصيص العموم أو الغاء المفهوم ، فالدلالة على كل منهما ان كانت بالإطلاق ، أو بالوضع فلا تكون هناك عموم ولا
__________________
(١) كفاية الاصول ص ٢٣٣ (فصل : قد اختلفوا في جواز التخصيص بالمفهوم المخالف).