ولكن الحق تبعا للمحقق النائيني (١) هو التفصيل بين ما لو شك في ان المتكلم كان في مقام التشريع ، أو كان في مقام بيان تمام مراده ، وبين ما لو شك في ذلك من جهة سعة الارادة وضيقها ، بان علمنا ان لكلامه اطلاقا من جهة ، وشك في اطلاقه من جهة أخرى ، كما في الآية الكريمة (فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ)(٢) حيث نعلم باطلاقها من جهة عدم اعتبار الامساك من الحلقوم في تذكيته وعدم اعتبار القبلة فيها وما شاكل ، وشك في انها في مقام البيان من جهة طهارة محل الامساك وعدمها ، فالاصل في الكلام حمله على كونه في مقام البيان في المورد الأول ، دون الثاني : وذلك لجريان سيرة اهل المحاورات على ذلك في المورد الأول خاصة ، ولعل منشأ ذلك ان اهل المحاورات عند القاء كلماتهم يكونون في مقام إبراز مراداتهم لا في مقام الاهمال فنفس القاء الكلام كاشف بالكشف الناقص عن كون المتكلم في مقام البيان ، وهذا الملاك كما ترى مختص بالمورد الأول.
وقد يقال كما عن صاحب الدرر (٣) بأنه لا حاجة إلى احرار كون المتكلم في مقام بيان تمام المراد في الحمل على الإطلاق ، بيانه ، ان المهملة مرددة بين المطلق ، والمقيد ، ولا ثالث ، ولا اشكال في انه لو كان المراد المقيد تكون الارادة متعلقة به بالاصالة وإنما ينسب إلى الطبيعة بالتبع لمكان الاتحاد وعليه ، فيستفاد الإطلاق من ظاهر الكلام بواسطة اصالة الظهور حيث ان الظاهر ان الارادة متعلقة
__________________
(١) اجود التقريرات ج ١ ص ٥٢٩ ، وفي الطبع الجديدة ج ٢ ص ٤٣٠.
(٢) الآية ٤ من سورة المائدة.
(٣) درر الفوائد للحائري ج ١ ص ٢٠١.