قلت : يرد عليه اولا : النقض بسائر المتزاحمين الذين صححنا الترتب فيها كالصلاة والازالة ، فنقول ان ترك الازالة الذي اخذ في موضوع الأمر بالصلاة ، اما ان يؤخذ الحصة منه الملازمة للصلاة ، فيلزم طلب الحاصل ، أو يؤخذ الحصة الملازمة لفعل آخر فيلزم طلب الجمع بين الضدين.
وثانيا : بالحل ، وهو انه لا يؤخذ قيد من القيود فيه ، فكما انه نقول في المثال ان الشرط هو ترك الازالة المعرى عن جميع القيود ، وعلى تقديره تكون الصلاة مقدورة كذلك في المقام نقول ان الشرط هو فعل المنهي عنه ولا يؤخذ فيه قيد من القيود ، وعلى فرض وجوده يكون وجود المأمور به مقدورا فيؤمر به على هذا التقدير ، وقد مر تفصيل القول في ذلك في مبحث الضد فراجع.
واما الثالث : وهو تصحيحها بالملاك فقد افاد (قدِّس سره) (١) في وجه عدم إمكان ذلك بان ملاك الأمر إنما يصلح للتقرب به فيما إذا لم يكن مزاحما بالقبح الفاعلى وإلا فلا يكون صالحا للتقرب به إلى المولى : فان صحة العبادة كما يعتبر فيها الحسن الفعلي كذلك هي مشروطة بالحسن الفاعلى بان يكون زائدا على محبوبيته وحسنه ايجادها من الفاعل حسنا ، والملاك المفروض وجوده في المقام ليس كذلك لان الصلاة والغصب مثلا بما انهما ممتزجان في الخارج بحيث لا يمكن الإشارة إلى أحدهما دون الآخر كانا متحدين في مقام الايجاد والتاثير فيكون موجدهما مرتكبا للقبيح في إيجاده ومعه يستحيل ان يكون الفعل الصادر منه مقربا له.
__________________
(١) أجود التقريرات ج ١ ص ٣٧٠ وفي الطبعة الجديدة ج ٢ ص ١٨١.