واما الإنشاء فان اريد به استعمال اللفظ في المعنى ، فهو وان لم يكن مضادا مع حكم انشائي آخر إلا انه لا يكون منشئا للاثر أصلاً ، وان اريد به انشاء الحكم على طبق الملاك ، ويكون ناشئا عن الارادة والكراهة ، فهو وان كان لا تضاد بينه وبين حكم انشائي آخر كذلك إذ الجعل خفيف المئونة ، إلا انه يثبت التضاد بينهما بالعرض من جهة التضاد بين ملاكيهما ، ومن ناحية المنتهى أيضاً ، كما سيجيء تنقيح القول في ذلك.
ثم ان المحقق الخراساني (ره) قال : (١) وقد انقدح بذلك الفرق بين ما إذا كان دليلا الحرمة والوجوب متعارضين وقدم دليل الحرمة تخييرا أو ترجيحا حيث لا يكون معه مجال للصحة أصلاً وبين ما إذا كانا من باب الاجتماع وقيل بالامتناع وتقديم جانب النهي حيث يقع صحيحا في غير مورد من موارد الجهل والنسيان لموافقته للغرض بل للأمر انتهى.
وفيه : ما مر من انه على الامتناع الذي اساسه وحدة المجمع وجودا وماهية لا محالة يقع التعارض بين الدليلين وان باب تزاحم الملاكات غير باب تزاحم الأحكام والملاك للأمر ليس وجود المصلحة بل هي المصلحة غير المغلوبة للمفسدة فمع تقديم جانب النهي وغلبة المفسدة لا محالة لا تصلح المصلحة على فرض وجودها للملاكية والداعوية.
فالاظهر هو الفساد وعدم الصحة في صورة الجهل.
واما في صورة النسيان فالاظهر هي الصحة لسقوط النهي بالنسيان فإذا
__________________
(١) كفاية الاصول ص ١٥٧.