واما ما اشتهر بين جماعة من كون الحكم تابعا للمصلحة أو المفسدة المعلومة. فإنما ارادوا بذلك المعلومة عند الحاكم ، لا المكلف ، وإلا فهو بيِّن الفساد ، إذ مضافا إلى انه لا طريق للمكلفين لاحراز مصالح الأحكام.
انه لا كلام في انه لا يسمع اعتذار العبد التارك لما امر به مولاه باني اعتقدت كون المأمور به خاليا عن المصلحة ، أو ما احرزت وجودها.
ولعمري ان فساد هذا الكلام اوضح من ان يبين.
الثالث : (١) ان الأحكام لا تضاد بينها في مقام الإنشاء كما لا تضاد بينها في مقام الاقتضاء ، وإنما التضاد بينها يكون في مقام الفعلية ، وعليه فبما ان المفروض وجود الملاكين في المجمع فلا محالة يكون الإنشاءان ثابتين ، وحيث ان المانع عن فعلية الأمر إنما هو فعلية النهي ، ففي صورة الجهل عن قصور يسقط النهي عن الفعلية فلا محالة يصير الأمر فعليا.
وفيه : ان التنافي والتضاد ثابت في مقام الاقتضاء والانشاء ، إذ المصلحة التي تكون ملاكا ومنشأً للأمر هي المصلحة غير المزاحمة بالمفسدة أو الغالبة عليها ، والمفسدة التي تكون منشئا للنهى هي ما لا تكون مزاحمة للمصلحة أو تكون غالبة عليها ، وعليه فلا يعقل اجتماعهما في واحد.
__________________
(١) الوجه الثالث مما استدل به المحقق الآخوند على صحة العبادات في حال الجهل قصورا ص ١٥٧ قوله : «مع أنه يمكن أن يقال بحصول الامتثال مع ذلك ، فإن العقل لا يرى تفاوتا بينه وبين سائر الأفراد في الوفاء بغرض الطبيعة المأمور بها ، وإن لم تعمه بما هي مأمور بها ، لكن لوجود المانع لا لعدم المقتضي».