الثاني (١) : ان فعلية كل حكم تابعة للحسن أو القبح المتوقف تحققهما على العلم بالمصلحة أو المفسدة ـ لا ـ على المصلحة والمفسدة الواقعتين وعليه ففي صورة الجهل عن عذر وان كانت المفسدة الموجودة في المجمع أقوى من المصلحة إلا انها لا تكون منشئا لجعل الحرمة ، والمصلحة وان كانت اضعف ، إلا انه للعلم بها الموجب للحسن تكون منشئا لجعل الوجوب ، فيكون المجمع مامورا به في حال الجهل عن قصور ، لان قوة الملاك توجب جعل الحكم على طبق ما هو الاقوى في حال الالتفات والعلم بها أو ما هو في حكم الالتفات دون ما يكون عن غير التفات ، فان المجهول لا يصلح للمنشئية لجعل الحكم.
وفيه : ان المصلحة الواقعية موجبة لحسن الفعل ذاتا كما ان المفسدة الواقعية ، موجبة لقبحه كذلك نعم الحسن والقبح الفاعليان لا يدوران مدار المصلحة والمفسدة الواقعيتين ، إلا ان المنشأ لجعل الأحكام إنما هو الحسن والقبح الذاتيان دون الفاعليين المتأخرين عن جعل الأحكام ، فان ذلك غير معقول كما هو واضح.
مع انه على ذلك يخرج المجمع عن مورد البحث ، وهو كونه مجمعا للعنوانين الذين تعلق باحدهما الأمر وبالآخر النهي ، فان لازم ما ذكره عدم كونه محكوما بالحرمة رأسا.
__________________
(١) مما استدل به المحقق الآخوند على صحة العبادات في حال الجهل قصورا ، كفاية الاصول ص ١٥٧ ، قوله : «مع صدوره ـ الامتثال من المكلف ـ حسنا لأجل الجهل بحرمته قصورا فيحصل به الغرض من الأمر فيسقط به قطعا ...» الخ.